الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الرحم التي تجب صلتها، وتحرم قطيعتها، قد اختلف العلماء في تحديدها، جاء في شرح مسلم للنووي: واختلفوا في حد الرحم التي تجب صلتها، فقيل: هو كل رحم محرم؛ بحيث لو كان أحدهما ذكرًا والآخر أنثى حرمت مناكحتهما، فعلى هذا لا يدخل أولاد الأعمام، ولا أولاد الأخوال، واحتج هذا القائل بتحريم الجمع بين المرأة وعمتها، أو خالتها في النكاح، ونحوه، وجواز ذلك في بنات الأعمام والأخوال، وقيل: هو عام في كل رحم من ذوي الأرحام في الميراث، يستوي المحرم وغيره، ويدل عليه قوله صلى الله عليه وسلم: ثم أدناك أدناك، هذا كلام القاضي، وهذا القول الثاني هو الصواب، ومما يدل عليه الحديث السابق في أهل مصر، فإن لهم ذمة ورحمًا، وحديث: إن أبر البر أن يصل أهل ود أبيه، مع أنه لا محرمية .اهـ.
وجاء في الموسوعة الفقهية الكويتية: للعلماء في الرحم التي يطلب وصلها رأيان:
الأول: أن الصلة خاصة بالرحم المحرم دون غيره، وهو قول للحنفية، وغير المشهور عند المالكية، وهو قول أبي الخطاب من الحنابلة . قالوا: لأنها لو وجبت لجميع الأقارب لوجب صلة جميع بني آدم، وذلك متعذر، فلم يكن بد من ضبط ذلك بقرابة تجب صلتها وإكرامها ويحرم قطعها، وتلك قرابة الرحم المحرم. وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تنكح المرأة على عمتها ولا على خالتها ولا على بنت أخيها وأختها، فإنكم إذا فعلتم ذلك قطعتم أرحامكم.
الثاني: أن الصلة تطلب لكل قريب، محرمًا كان أو غيره، وهو قول للحنفية، والمشهور عند المالكية، وهو نص أحمد، وهو ما يفهم من إطلاق الشافعية، فلم يخصصها أحد منهم بالرحم المحرم. اهـ.
والمرجح عندنا أن الرحم التي تجب صلتها، وتحرم قطيعتها، هي : كل ذي رحم محرم.
وأما بقية الأقارب فتستحب صلتهم، ولا تجب، كما سبق في الفتوى رقم: 11449.
وعلى كل حال: فإن عم الوالد، وأخا الجد هما من الرحم الواجب صلتها.
وأما زوج الأخت، وزوج بنت العم: فهما من الأصهار، وليسا من الأرحام أصلًا، فلا تجب صلتهما.
وينبغي أن يُعلم أن ما توصل به الرحم خاضع للعرف؛ إذ لم يرد عن الشرع فيه حد معين، فتارة يكون بالمال, وتارة بالزيارة، أو غيرهما، قال النووي: وأما صلة الرحم: فهي الإحسان إلى الأقارب على حسب حال الواصل والموصول، فتارة تكون بالمال، وتارة بالخدمة، وتارة بالزيارة, والسلام, وغير ذلك. اهـ.
فزيارة ذوي الرحم ليست واجبة في كل حال، بل تجب إن كان في العرف يعد ترك الزيارة قطيعة، وراجع للفائدة الفتويين: 7683 122572.
والله أعلم.