الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن المعلوم أن الغالب في الوالد الشفقة على أولاده والحرص على حسن التعامل معهم، ولا سيما الإناث، فهن محل عطفه وحنانه في الغالب الأعم، فإن كان والدك يقسو عليك في التعامل، فهذا أمر غريب بلا شك، ولكن يبقى هو الوالد الذي أوجب الله على ولده بره والإحسان إليه، ولو كان كافرا فضلا عن أن يكون مسلما، وإساءته لا تبرر لولده الإساءة إليه على كل حال، وراجعي الفتويين رقم: 3109، ورقم: 3459.
فلا يجوز لك هجر والدك بالكلية وعدم التكلم معه إطلاقا، فهذا من العقوق، وتجب التوبة منه، والواجب عليك صلته والحذر من كل ما يمكن أن يكون سببا في استفزازه، ولا بأس بأن تتقي الجلوس معه في مكان واحد إذا كان ذلك يمكن أن يثير غضبه ويدفعه إلى شيء من التصرف غير السليم، ولعلك إذا صبرت على إساءته واجتهدت في الإحسان إليه أن يجعل الله ذلك كفارة لذنوبك، واحرصي على الدعاء له بأن يصلح الله من شأنه، فذلك من أعظم إحسانك إليه، ويمكنك أيضا أن تستعيني بالعقلاء من أقربائك أو أصدقائه ممن يرجى أن يكون لقولهم تأثير عليه.
والله أعلم.