الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان الورثة محصورين فيمن ذكر، فللجدة من جهة الأم السدس لقيامها مقام الأم, ويكون الباقي للأب ـ تعصيبا ـ لقول النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَلْحِقُوا الْفَرَائِضَ بِأَهْلِهَا، فَمَا بَقِيَ فَهُوَ لِأَوْلَى رَجُلٍ ذَكَرٍ . متفق عليه.
ولا شيء للأختين، لأنهما محجوبتان حجب حرمان بالأب، كما أن الجدة ـ أم الأب المباشر ـ لا ترث، وكذلك أم أبيه عند من يورثها، لوجود الأب بناء على مذهب أكثر العلماء الذين يحجبون الجدة بالأب إذا كانت من جهته, جاء في الموسوعة الفقهية: واختلفوا في حجب الجدة بابنها ـ أي بأبي الميت أو جده ـ فذهب الحنفية والمالكية والشافعية في ظاهر المذهب والحنابلة في إحدى الروايتين، إلى أنه يحجبها، فلا ترث مع وجود الأب إلا جدة واحدة وهي التي من قبل الأم، واحتجوا بأنها تدلي به فلا ترث معه كالجد مع الأب، وأم الأم مع الأم، وذهب الحنابلة في ظاهر المذهب، وهي رواية للشافعية إلى أنها ترث مع ابنها، لما رواه عبد الله بن مسعود ـ رضي الله عنه ـ قال: أول جدة أطعمها رسول الله صلى الله عليه وسلم السدس أم أب مع ابنها، وابنها حي ـ ولأن الجدات أمهات، فيرثن ميراث الأم لا ميراث الأب، فلا يحجبن به كأمهات الأم. انتهى.
وما على الميت من دين وكفارة يمين ونحوها من الكفارات, فإنه يخرج من تركته قبل قسمها, كما سبق تفصيله في الفتوى رقم: 58005.
ثم إننا ننبه السائل الكريم إلى أن أمر التركات أمر خطير جداً وشائك للغاية، وبالتالي فلا يمكن الاكتفاء فيه ولا الاعتماد على مجرد فتوى أعدها صاحبها طبقاً لسؤال ورد عليه، بل لا بد من أن ترفع للمحاكم الشرعية كي تنظر فيها وتحقق، فقد يكون هناك وراث لا يطلع عليه إلا بعد البحث، وقد تكون هناك وصايا أو ديون أو حقوق أخرى لا علم للورثة بها، ومن المعروف أنها مقدمة على حق الورثة في المال، فلا ينبغي إذاً قسم التركة دون مراجعة المحاكم الشرعية إذا كانت موجودة، تحقيقاً لمصالح الأحياء والأموات.
والله أعلم.