الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن نيتك هي التي تحدد ما يلزمك من النذر, كما سبق بيانه في الفتويين: 102868، 115339.
ونيتك هنا لها أكثر من احتمال، فإن كانت نيتك أن تخرج نصف راتبك عندما تجد أي عمل, ولو لم يكن رسميًا أو كاملًا, فعليك أن تخرج نصف راتب أي عمل وجدته وبدأت به, وهو في هذه الحالة ثلاثة آلاف، ولو لم تستلمها فإنها حق لك باق في ذمة صاحب العمل حتى تستلمه, أو تتنازل عنه.
أو كانت نيتك هي أول راتب تستلمه من أي عمل بغض النظر عن مواصفات هذا العمل, فعليك أن تخرج نصف أول راتب استلمته من أي عمل, سواء كان دوامه جزئيًا أو كليًا.
أو كانت النية أن يكون العمل رسميًا ودوامًا كاملًا: فإن كان عملك الأخير بهذه المواصفات فعليك أن تخرج نصف راتبه.
وإذا لم تكن لك نية: فعليك أن تخرج نصف راتب أول عمل وجدته, كما يقتضيه ظاهر قولك: أن أخرج نصف راتبي حين أجد عملًا"؛ إذا كان هذا لفظك عند النذر؛ لأن الأصل أن اللفظ يبقى على ظاهره ما لم توجد نية تصرفه عنه, أو يجري عرف يخصصه, أو يقيده.
والحاصل أن نية الناذر هي التي تحدد الواجب من النذر، ولو أخرجت نصف أكبر راتب حصلت عليه كان ذلك أحسن وأحوط.
وعليك أن تفي بإخراج ما عيّنت من نصف الراتب للنذر قبل قضاء الدين إذا كان النذر سابقًا، أما إذا كان الدَّين هو الأول فإنك تقدمه؛ جاء في فتاوى نور على الدرب للشيخ العثيمين ـ رحمه الله ـ إجابة عن سؤال: إذا كان عليّ دين لناس فهل الأولى أن يسدد الدين أم يوفي النذر؟
فقال: إذا كان الدين سابقاً على النذر قدمه، وإذا كان النذر سابقاً عن الدين قدمه؛ لأن هذا يتعلق بالذمة، وما كان متعلقاً بالذمة فإن انشغال الذمة بالأول يوجب أن تكون غير قابلة بالانشغال بالثاني، حتى يفرغ منه، هذا إذا لم ينذر شيئاً معيناً بأن يقول هذه مثلاً: لله عليّ نذر أن أتصدق بهذه الدراهم، أو بهذا الطعام المعين، فإنه في هذه الحال يقدم النذر؛ لأنه عينه، وصار هذا الشيء المعين مشغولاً بالنذر.
والله أعلم.