الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله أن يرزقنا وإياك العافية من كل سوء وبلاء، وأن ييسر أمرنا وأمرك، وأن يعيننا على ذكره وشكره وحسن عبادته إنه سميع مجيب، ويحسن بنا أن نجعل ما أوردت إلينا من أسئلة في النقاط التالية:
النقطة الأولى: إذا أمكنك أن تصلي بطهارة في جزء من الوقت لزمك ذلك، ولا يكون حكمُك حكمَ صاحب السلس، وعليه فالجواب: نعم تلزمك الإعادة في الحالين بعد الاستنجاء وإزالة النجاسة من الثوب، والوضوء، وراجع الفتويين رقم: 152835، ورقم: 80338. وكذا الحال فيما إذا حصل ذلك في الجمعة، لكن إذا رجعت بعد الوضوء، ولم تدرك ركعة من الجمعة، فأتمها ظهراً، ففي سنن النسائي عن ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من أدرك ركعة من الجمعة، أو غيرها فقد تمت صلاته. قال الترمذي بعد أن روى حديث: من أدرك من الصلاة ركعة فقد أدرك الصلاة ـ والعمل على هذا عند أكثر أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم قالوا: من أدرك ركعة من الجمعة صلى إليها أخرى، ومن أدركهم جلوسا صلى أربعا، وبه يقول سفيان الثوري وابن المبارك والشافعي وأحمد وإسحق.
النقطة الثانية: أن حضور الجماعة في المسجد واجب في أصح قولي العلماء، كما أوضحنا في الفتويين رقم: 28664، ورقم: 34242. وهذا الواجب لا يسقط بالاحتمال، إلا إذا غلب على ظنك أنه لن تمكنك الصلاة بسبب الحدث، وأنك إذا خرجت للوضوء لم تدرك الجماعة، وقد أرشد النبي صلى الله عليه وسلم إلى حيلة حسنة، ففي الحديث: إذا أحدث أحدكم في صلاته فليأخذ بأنفه ثم لينصرف. حديث صحيح رواه أبو داود عن عائشة رضي الله عنها. وفي الحديث إرشاد إلى ما يفعله من انتقض وضوؤه وهو في الصلاة، قال الخطابي رحمه الله: وفيه إرشاد إلى إخفاء القبيح، والتورية بما هو أحسن ولا يدخل في الرياء، بل هو من التجمل، واستعمال الحياء وطلب السلامة من الناس. وراجع الفتوى رقم: 36410. فاحتسب عند الله، واحضر الجماعة، والله لا يضيع أجر من أحسن عملاً.
النقطة الثالثة: لا مانع من أن تؤم الناس، لأنك تصلي صلاة كاملة، ولست صاحب سلس، وإنما صاحب السلس من استمر معه الحدث، بحيث لا يمكنه أن يصلي الصلاة كامل الطهارة في جزء من الوقت، وفي إمامته خلاف بين العلماء مُبين في الفتوى رقم: 7507. لكن إن غلب على ظنك أن البول قد ينزل، فالأولى أن تقدم غيرك، فإن انقضت الصلاة، ولم تشعر بخروج شيء، ثم وجدت بعض القطرات في الثوب، فإن كانت هناك قرينة تدل على أن تلك القطرات خرجت منك قبل الصلاة أو أثناءها فعليك الإعادة دونهم، أما إن احتمل نزولها قبل الصلاة أو بعدها فلا إعادة عليك، وكذلك صلاة المأمومين بطبيعة الحال، وانظر الفتويين: 125614، 44825.
النقطة الرابعة: ما ذكرت من المسوغات، كمشقة دخول الحمام خارج البيت، ليس عذراً في تأخير الصلاة عن وقتها، لأنك لم تبلغ بعد درجة المرض الذي يبيح الجمع، ولكن إن فاتتك الجماعة، فيمكنك أن تجمع جمعاً صورياً، بمعنى أن تصلي الظهر في آخر وقتها، والعصر في أول وقتها، وراجع الفتويين رقم: 2160، ورقم: 24945. وأما الجمع الحقيقي: فإنما يُرخص فيه مع الحاجة، وعدم التكرار في قول طائفة من أهل العلم، منهم ابن سيرين وأشهب من المالكية، واختاره ابن المنذر، وشيخ الإسلام ابن تيمية، وراجع الفتويين رقم: 26093، ورقم: 6846.
النقطة الخامسة: أن الواجب إزالة النجاسة، والوضوء شرط لصحة الطواف عند جمهور العلماء، فإن خرج شيء من البول فعليك إزالة أثره من الثوب والوضوء وتُكمل طوافك، ولا تعيده من أوله.
والله أعلم.