الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن المسلم يجب عليه التمسك بدينه، وعليه أن يبذل ما يستطيع لنشره وبيانه للناس، وأن يجتهد لاستنقاذ الضالين وهدايتهم إلى الصراط المستقيم، وليستعمل في ذلك ما أمكن من الترغيب والحوار والإقناع العقلي والجدال بالتي هي أحسن، ويحرم عليه مع ذلك الموالاة والمودة لمن كان على غير ملة الإسلام، والتشبه بهم، كما قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاء {الممتحنة:1}.
وقال الله تعالى: لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْأِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ {المجادلة:22}
وفي الحديث عن ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من تشبه بقوم فهو منهم. رواه أبو داود.
وينبغي الإحسان إليهم، ومعاملتهم بالعدل، ما داموا مسالمين، قال تعالى: لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ {الممتحنة:8}.
ويجوز التعامل معهم بالبيع والشراء، والقرض، والرهن وغيرها من وجوه المعاملات الشرعية، وهكذا كان هدي النبي صلى الله عليه وسلم، ففي الصحيحين عن عائشة ـ رضي الله عنها ـ قالت: توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم ودرعه مرهونة عند يهودي في ثلاثين صاعاً من شعير.
وقد استعار أدرعا من صفوان بن أمية وهو لا يزال على شركة، وقد أجر كعب بن عجرة نفسه عند يهودي على تمر فأتى به النبي صلى الله عليه وسلم فأطعمه، وراجع الفتاوى التالية أرقامهأ: 114663، 100652، 36326، 121609.
والله أعلم.