الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقصيدة البردة تشتمل على غلو في شخص النبي عليه الصلاة والسلام، وإطراء منهي عنه شرعا, وقد قال صلى الله عليه وسلم: لا تطروني كما أطرت النصارى ابن مريم، فإنما أنا عبد، فقولوا: عبد الله ورسوله. رواه البخاري.
وقد سبق لنا بيان ذلك في الفتوى رقم: 5211.
كما سبق لنا بيان أنه لا حرج في قراءتها على من يستطيع تمييز الصحيح من السقيم، وأن قارئ ذلك يؤجر بحسب نيته وإصابته للحق في مقاله، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 151191.
وبذلك يتضح أن أبيات البردة ليس كلها مذموما، وإنما يقتصر الذم على ما كان فيه مخالفة أو محظور شرعي كالغلو المشار إليه آنفا، ومن ذلك قول البوصيري:
يا أكرم الخلق ما لي من ألوذ به سواك عند حلول الحادث العمم.
وقوله:
فإن من جودك الدنيا وضرتها ومن علومك علم اللوح والقلم.
وعلى ذلك؛ فلا غرابة أن يقرأها أو يحفظها طائفة من أهل العلم الثقات... هذا مع الإقرار أن بعض حملة العلم من الصوفية أو الطرقية ومن وافقهم يقرر ما في البردة من مخالفات، وكلٌّ يؤخذ من قوله ويترك، والعبرة في إصابة الحق، وموافقة الشرع واتباع السنة وسبيل الصحابة ومن حذا حذوهم، وقد مدح النبيَّ صلى الله عليه وسلم منهم جماعة دون إفراط، كحسان بن ثابت وعبد الله بن رواحة وكعب بن زهير، وفيهم الأسوة والقدوة.
والله أعلم.