الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فلم ندر ما تقصده السائلة الكريمة بالوصية هنا، ولعلها تقصد متروك المورثة، وعلى أية حال فلا شك أن ما فعلته أختكم من كتمان الوصية – سواء كان القصد منها التركة، أو كان المقصود حقيقة الوصية– لا يجوز , فالواجب عليها أن تتقي الله تعالى، وأن تعلم أنه لا يجوز كتمان الوصية؛ لقول الله تعالى عنها: فَمَنْ بَدَّلَهُ بَعْدَمَا سَمِعَهُ فَإِنَّمَا إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ {البقرة:181}.
قال ابن كثير في تفسيره: فمن بدل الوصية وحرفها، فغير حكمها وزاد فيها أو نقص - ويدخل في ذلك الكتمان لها بطريق الأولى -{ فَإِنَّمَا إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ } قال ابن عباس وغير واحد: وقد وقع أجر الميت على الله، وتعلَّق الإثم بالذين بدلوا ذلك. { إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ } أي: قد اطلع على ما أوصى به الميت، وهو عليم بذلك، وبما بدله الموصى إليهم. اهــ.
وقد جمعت أختكم بين إثم كتمان الوصية وإثم العقوق, وما دامت مصرة على كتمان الوصية - وربما أدى ذلك إلى تأخر قسمة شيء من الميراث - فإننا ننصحكم برفع الأمر إلى المحكمة الشرعية حتى تلزمها بما يلزم شرعا؛ فإن الله تعالى يزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن.
والله تعالى أعلم.