الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن ترك حضور الدرس اليومي من غير عذر يدل على عدم الاهتمام بالعلم، وعدم الحرص عليه، وهو أمر غير محمود؛ فقد روى البخاري ومسلم في صحيحيهما عن أبي واقد الليثي : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بينما هو جالس في المسجد والناس معه إذ أقبل ثلاثة نفر، فأقبل اثنان إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وذهب واحد. قال فوقفا على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأما أحدهما فرأى فرجة في الحلقة فجلس فيها، وأما الآخر فجلس خلفهم، وأما الثالث فأدبر ذاهبا. فلما فرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ألا أخبركم عن النفر الثلاثة؟ أما أحدهم فأوى إلى الله، فآواه الله. وأما الآخر فاستحيا، فاستحيا الله منه. وأما الآخر فأعرض فأعرض الله عنه.
قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري: قوله: فأعرض الله عنه أي سخط عليه، وهو محمول على من ذهب معرضا لا لعذر.انتهى.
ولا مانع من دخوله في الآية التي ذكر السائل مع أن الإعراض فيها أعم من مجرد ترك التعلم.
فقد قال ابن كثير في تفسيرها: ومن أعرض عن ذكري، أي خالف أمري وما أنزلته على رسولي، أعرض عنه وتناساه وأخذ من غيره هداه، فإن له معيشة ضنكاً أي ضنكا في الدنيا، فلا طمأنينة له ولا انشراح لصدره، بل صدره ضيق حرج لضلاله، وإن تنعم ظاهره ولبس ما شاء، وأكل ما شاء، وسكن حيث شاء، فإن قلبه ما لم يخلص إلى اليقين والهدى فهو في قلق وحيرة وشك، فلا يزال في ريبة يتردد فهذا من ضنك المعيشة.
والله أعلم.