الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد ندب الشرع إلى الصلح بين الزوجين وبين أفضليته، لما يترتب عليه من مصالح كثيرة، ومن أهمها اجتماع شمل الأسرة والاستقرار النفسي لأفرادها، قال تعالى: وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا وَالصُّلْحُ خَيْرٌ وَأُحْضِرَتِ الْأَنْفُسُ الشُّحَّ وَإِنْ تُحْسِنُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا {النساء:128}.
قال القرطبي في تفسيره: قوله تعالى: وَالصُّلْحُ خَيْرٌ ـ لفظ عام مطلق يقتضي أن الصلح الحقيقي الذي تسكن إليه النفوس ويزول به الخلاف خير على الإطلاق، ويدخل في هذا المعنى جميع ما يقع عليه الصلح بين الرجل وامرأته في مال أو وطء أو غير ذلك، خير أي خير من الفرقة، فإن التمادي على الخلاف والشحناء والمباغضة هي قواعد الشر، وقال عليه السلام في البغضة: إنها الحالقة ـ يعني حالقة الدين، لا حالقة الشعر. اهـ.
ومما يتحقق به هذا الاستقرار معرفة كل من الزوجين لما عليه تجاه الآخر من حقوق وقيامه بها على أكمل وجه، ولمعرفة الحقوق بين الزوجين نرجو مطالعة الفتوى رقم: 27662.
وإذا لم تكن الطلقة المذكورة هي الثالثة، فإن الزوج يملك إرجاع زوجته إلى عصمته من غير عقد جديد، ما دامت في العدة، ولو لم تكن راضية بذلك، وتصح الرجعة بالكتابة إذا نواها الزوج، كما نص على ذلك الفقهاء، جاء في فتح الوهاب في الفقه الشافعي قول زكريا الأنصاري: وبما تقرر علم أن الرجعة لا تحصل بفعل غير الكتابة وإشارة الأخرس المفهمة.... اهـ.
وفي حكم الرجعة بالفعل عموما خلاف سبق بيانه في الفتوى رقم: 54195.
ولا ينبغي للزوج أن يترك زوجته معلقة لا بأيم ولا بذات زوج، ويعظم الإثم ويشتد النكير إذا كانت له زوجة ثانية يميل إليها ويظلم الأخرى، وتراجع الفتوى رقم: 1342.
فالذي ننصح به هو الاستمرار في محاولة الصلح وتحكيم العقلاء بين أهل الزوج وأهل الزوجة، فإذا لم يكن بالإمكان الإمساك بالمعروف فليكن التفريق بإحسان، ولمعرفة ما يقوم به الحكمان يمكن مراجعة الفتوى رقم: 27662.
وننبه إلى أن نفقة الزوجة واجبة على الزوج، والمطلقة الرجعية في حكم الزوجة تجب على الزوج نفقتها، والمسكن تابع للنفقة، وإذا كان البيت ملكا للزوجة ولم تكن متبرعة به وجب على الزوج أن يدفع لها أجرته، وراجعي الفتويين رقم: 113285، ورقم: 9116.
والله أعلم.