الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلتعلم السائلة أولا أن بعض أهل العلم اشترط لجواز خروج المرأة الذي لا يترتب عليه سفر من بيتها لزيارة والديها إذن الزوج لها، فإذا لم يأذن لم يجز لها الخروج تغليبا لحقه على حقهما، وأولى إذا ترتب عليه سفر، أما طلب الإذن منه: فلا حرج فيه، كما لا حرج عليه هو أيضا في الإذن مع مراعاة ضوابط سفر المرأة من اشتراط المحرم، لكن هل لك الحق في زيارتهما وهما بعيدان عنك إذا لم يأذن الزوج عند من يعطي للمرأة حق الخروج لزيارة والدها كالمالكية والحنفية ولو لم يأذن زوجها؟ الظاهر ـ والله أعلم ـ أنه لا يجوز لك أن تسافري إلى والديك بغير إذن من زوجك ما داما بعيدين عنك، جاء في بدائع الصنائع ـ وهو من كتب الحنفية ـ وهم يجيزون للمرأة زيارة والديها التي لا يترتب عليها سفرها دون إذن زوجها: وإذا أَوْفَاهَا الْمَهْرَ فَلَهُ أَنْ يَمْنَعَهَا من ذلك كُلِّهِ إلَّا من سَفَرِ الْحَجِّ إذَا كان عليها حَجَّةُ الْإِسْلَامِ وَوَجَدَتْ مَحْرَمًا، وَلَهُ أَنْ يَدْخُلَ بها، لِأَنَّهُ إذَا أَوْفَاهَا حَقَّهَا يَثْبُتُ له حَقُّ الْحَبْسِ لِاسْتِيفَاءِ الْمَعْقُودِ عليه. اهـ
وقيد المالكية جواز خروج المرأة لزيارة والديها دون إذن زوجها بما إذا لم يكونا بعيدين.
وعليه، فلا حرج عليك في مطالبة زوجك بالإذن لك في زيارة أهلك إذا لم يترتب عليها محظور شرعي من سفرك بدون محرم، لكن لا يجب على زوجك أن يأذن لك، كما لا يجب عليه أن يتحمل تكاليف سفرك لزيارة أهلك إلا أن يتبرع بذلك، وراجعي حدود النفقة الواجبة على الزوج لزوجته في الفتوى رقم: 105673.
وأما سكنى والدي زوجك معك في البيت مدة طويلة، فمن حقك الامتناع من ذلك، ولا حق لزوجك في إجبارك عليه، لأن من حق الزوجة على زوجها أن يسكنها في مسكن مستقل مناسب، كما بيناه في الفتوى رقم: 28860.
وننبه إلى أن الأصل في علاقة الزوجين التوادّ والتراحم والتفاهم ومراعاة كلٍّ منهما لظروف الآخر.
والله أعلم.