الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن النظر إلى النساء محرم ولو كان بغير شهوة، فإذا كان بشهوة كانت حرمته أشد، قال تعالى: قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ [النور:30].
وقال تعالى: إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا [الإسراء:36].
وقال صلى الله عليه وسلم: لا تتبع النظرة النظرة. رواه الترمذي وحسنه الألباني.
فمن زعم بعد هذا النهي الأكيد أن النظر إلى النساء ليس بمحرم، فقد افترى بهتاناً وإثماً عظيماً، لأنه رد على الله حكمه، ونازع الله في أمره، ومعلوم أن من الأسباب المكفرة أن يستحل المرء ما حرم الله، أو يحرم ما أحل، قال تعالى: وَلا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لا يُفْلِحُونَ [النحل:116].
وإننا لنقول للأخ المسؤول عنه -هداه الله- إن الله تعالى وضع في خلقه غريزة الشهوة، وفتح لها من القنوات المشروعة ما يكفي لسدها وكبح جماحها، وسد في وجهها كل ما من شأنه أن يتسبب في انحرافها الذي يؤدي إلى ضعف الإيمان وقلة الدين، والحمد لله الذي أنعم عليك بزوجة تقضي معها وطرك، وتكف بها بصرك، وليعلم أن المطلوب من الإنسان أن يقلل من شهوته، لا أن يسعى لزيادتها بما يثيرها من الطرق المحرمة، والسبل الشيطانية، ولذلك أمر النبي صلى الله عليه وسلم الشباب بالصيام، وعلله بأن فيه حماية لهم من النظر المحرم وفعل الفواحش، وأمر بالزواج، وعلل ذلك بأنه أغض للبصر وأحصن للفرج.
ولا بد للمرء من أن يسعى لتحصيل الأسباب التي تعينه على ذلك ومن أهمها:
1- الابتعاد عن رفقاء السوء الذين يدلون على الشر ويعينون عليه.
2- مراقبة الله تعالى في السر والعلن، سئل الجنيد: بم يستعان على غض البصر؟ قال: بعلمك أن نظر الله أسبق من نظرك إليه.
وقال الحارث المحاسبي: المراقبة: علم القلب بقرب الرب، كلما قويت المعرفة بالله قوي الحياء من قربه ونظره. انتهى.
3- تذكر ما ينعم الله تعالى به على المؤمن في الجنة من الحور العين، وأنه كلما ارتفعت درجته زاد نعيمه.
وما أحسن ما قاله ابن القيم في نونيته:
وأعفهم في هــذه الدنيا هو الـ أقوى هناك لزهده في الفاني
فاجمع قواك لما هناك وغمض ال عينين واصبر ساعة لزمان
ما هاهنا والله ما يسوى قـلا مة ظفر واحدة ترى بجنان
إلا النقار وسيء الأخـلاق مع عيب ومـــع نقصــان
هم وغــــم دائم لا ينتهــي حتى الطلاق وبالفـراق الثاني
والله قد جعل النسـاء عوانياً شرعاً فأضحى البعل وهو العاني
لا تؤثر الأدنى على الأعلى فــإن تفعل رجعـت بذلة وهوان
وراجع الفتوى: 6617 والفتوى: 1256 والفتوى: 1984
والله أعلم.