الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الأمر لا يخلو من أن يكون في مكان نزول الحيض دم، فحينئذ ما انفصل عنه متغيرًا أو غير متغير قبل طهارة المحل فهو نجس في الحالين.
وأما إن لم يكن في مكان نزول الحيض دم فالماء المنفصل عنه ليس بنجس؛ لعدم ملاقاته للنجاسة.
قال ابن قدامة - رحمه الله - في المغني: وَالْمُنْفَصِلُ مِنْ غُسَالَةِ النَّجَاسَةِ، يَنْقَسِمُ إلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ: أَحَدُهَا: أَنْ يَنْفَصِلَ مُتَغَيِّرًا بِهَا، فَهُوَ نَجِسٌ إجْمَاعًا؛ لِأَنَّهُ مُتَغَيِّرٌ بِالنَّجَاسَةِ، فَكَانَ نَجِسًا، كَمَا لَوْ وَرَدَتْ عَلَيْهِ.
الثَّانِي: أَنْ يَنْفَصِلَ غَيْرَ مُتَغَيِّرٍ قَبْلَ طَهَارَةِ الْمَحَلِّ، فَهُوَ نَجِسٌ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ مَاءٌ يَسِيرٌ لَاقَى نَجَاسَةً لَمْ يُطَهِّرْهَا، فَكَانَ نَجِسًا، كَالْمُتَغَيِّرِ، وَكَالْبَاقِي فِي الْمَحَلِّ، فَإِنَّ الْبَاقِيَ فِي الْمَحَلِّ نَجِسٌ، وَهُوَ جُزْءٌ مِنْ الْمَاءِ الَّذِي غُسِلَتْ بِهِ النَّجَاسَةُ، وَلِأَنَّهُ كَانَ فِي الْمَحَلِّ نَجِسًا، وَعَصْرُهُ لَا يَجْعَلُهُ طَاهِرًا.
الثَّالِثُ: أَنْ يَنْفَصِلَ غَيْرَ مُتَغَيِّرٍ مِنْ الْغَسْلَةِ الَّتِي طَهَّرَتْ الْمَحَلَّ، فَفِيهِ وَجْهَانِ، أَصَحُّهُمَا أَنَّهُ طَاهِرٌ, وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ لِأَنَّهُ جُزْءٌ مِنْ الْمُتَّصِلِ، وَالْمُتَّصِلُ طَاهِرٌ، فَكَذَلِكَ الْمُنْفَصِلُ، وَلِأَنَّهُ مَاءٌ أَزَالَ حُكْمَ النَّجَاسَةِ، وَلَمْ يَتَغَيَّرْ بِهَا، فَكَانَ طَاهِرًا، كَالْمُنْفَصِلِ مِنْ الْأَرْضِ. انتهى.
والحائض إذا استمر عليها نزول الدم فإنه يمكنها تفادي انتشاره بوضع حفاظة - مثلًا - تمنع تساقط الدم, ثم تغسل ما أصابه بعدُ.
وكذلك المبتلى بالسلس إذا استمر تقاطر البول منه فيمكنه وضع شيء يمنع انتشار تلك القطرات, ثم يغسل ما أصابه البول، وليس في ذلك مشقة.
ولا يعني جواز استعمال منشفة الحائض أن الماء المنفصل عن دمها طاهر إن كان غير متغير، وإنما يعني أنه يجوز استعمال منشفة الحائض؛ لأن بدنها طاهر، فإذا لم تستعمل المنشفة في تنشيف النجاسة فإنها تبقى طاهرة على الأصل.
وللفائدة يرجى مراجعة هذه الفتاوى: 101356، 141158، 189173.
والله أعلم.