الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه أما بعد:
فنفيدك أولًا أن جمهور أهل العلم على وجوب ترتيب الفوائت على النحو الذي فاتت به, وقال البعض بسنية الترتيب، وراجع فتوانا رقم: 184615 في مذاهب العلماء في الترتيب بين الفوائت.
كما ننبه إلى أن قضاء صلوات اليوم الواحد كاملة إنما يؤمر به إن كانت كلها فائتة.
وفي خصوص ما سألت عنه من التوقف عن القضاء فترة؟ فإنه يجب في الأصل قضاء الفوائت على الفور حسب الاستطاعة في أي ساعة من ليل أو نهار، لكن رخص بعض أهل العلم فرأوا أنه يكفي أن يقضي في اليوم الواحد صلاة يومين على الأقل, إلا إذا كان ذلك يؤخره عن كدٍّ لعياله، فيجوز الاقتصار على صلاة يوم.
قال الدسوقي المالكي - رحمه الله - في حاشيته: قَوْلُهُ فَوْرًا: أَيْ عَلَى الرَّاجِحِ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ إنَّهُ وَاجِبٌ عَلَى التَّرَاخِي, وَخِلَافًا لِمَنْ قَالَ إنَّهُ لَيْسَ بِوَاجِبٍ عَلَى الْفَوْرِ, وَلَا عَلَى التَّرَاخِي, بَلْ الْوَاجِبُ حَالَةٌ وُسْطَى, فَيَكْفِي أَنْ يَقْضِيَ فِي الْيَوْمِ الْوَاحِدِ صَلَاةَ يَوْمَيْنِ فَأَكْثَرَ, وَلَا يَكْفِي قَضَاءُ صَلَاةِ يَوْمٍ فِي يَوْمٍ إلَّا إذَا خَشِيَ ضَيَاعَ عِيَالِهِ إنْ قَضَى أَكْثَرَ مِنْ يَوْمٍ فِي يَوْمٍ, وَفِي بن نَقْلًا عَنْ أَجْوِبَةِ ابْنِ رُشْدٍ أَنَّهُ إنَّمَا أَمَرَ بِتَعْجِيلِ قَضَاءِ الْفَوَائِتِ خَوْفَ مُعَاجَلَةِ الْمَوْتِ, وَحِينَئِذٍ فَيَجُوزُ التَّأْخِيرُ لِمُدَّةٍ بِحَيْثُ يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ وَفَاؤُهُ بِهَا فِيهَا, وَعَدَمُ عَدِّهِ مُفْرِطًا اهـ وَاسْتُدِلَّ لِلْفَوْرِيَّةِ بِآيَةِ {فَاعْبُدْنِي وَأَقِمْ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي} وَلِأَنَّ تَأْخِيرَ الصَّلَاةِ بَعْدَ الْوَقْتِ مَعْصِيَةٌ يَجِبُ الْإِقْلَاعُ مِنْهَا فَوْرًا .اهــ.
إذا تبين هذا فلا يجوز لك أن تتوقف عن قضاء الفوائت ليوم كامل من غير عذر.
وأما التوقف عنها لمدةٍ في اليوم الواحد ثم تستأنف القضاء في نفس اليوم فهذا جائز بشرط أن لا تخرج إلى حد التفريط, وبعض الفقهاء يرى أن حد التفريط أن تقضي أقل من صلاة يومين في اليوم الواحد, جاء في شرح خليل للخرشي: إنْ قَضَى فِي كُلِّ يَوْمٍ يَوْمَيْنِ لَمْ يَكُنْ مُفَرِّطًا لَا يَوْمٌ فَلَا, إلَّا لِمَنْ لَا يَقْدِرُ إلَّا عَلَيْهِ, وَمِنْ ذَلِكَ مَنْ يُصَلِّي مَعَ كُلِّ صَلَاةٍ صَلَاةً, وَالظَّاهِرُ أَنَّ مُرَادَهُمْ بِقَوْلِهِمْ لَمْ يَكُنْ مُفَرِّطًا أَيْ: مَعَ الْأَشْغَالِ الْحَاجِيَّةِ, أَيْ: أَنَّهُ مَعَ الْأَشْغَالِ الْحَاجِيَّةِ أَقَلَّ مَا يَقْضِي كُلَّ يَوْمٍ يَوْمَانِ, وَأَمَّا عِنْدَ عَدَمِهَا فَيَجِبُ قَضَاءُ الْمُمْكِنِ ... اهــ
والله تعالى أعلم.