الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن علم الله تعالى شامل للماضي والحاضر, ولجميع ما سيحصل في المستقبل في الدنيا والآخرة بما في ذلك تفاصيل أمور أهل الجنة وأمانيهم، ويدل لهذا عموم قوله تعالى: إِنَّ اللّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ {التوبة:115}، وقوله تعالى: وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ {البقرة:231}. وقوله تعالى: أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ {الملك:14}, وقوله تعالى: قَالَ رَبِّي يَعْلَمُ الْقَوْلَ فِي السَّمَاء وَالأَرْضِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ {الأنبياء:4}
وفي شرح النووي على صحيح مسلم: وفي قوله صلى الله عليه وسلم: "الله أعلم بما كانوا عاملين" بيان لمذهب أهل الحق أن الله علم ما كان, وما يكون, وما لا يكون لو كان كيف كان يكون, وقد سبق بيان نظائره من القرآن والحديث.
وقال الشيخ ابن عثيمين - رحمه الله - في شرح العقيدة الواسطية: قوله: {وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} : هذا إكمال لما سبق من الصفات الأربع، يعني: ومع ذلك، فهو بكل شيء عليم.
وهذه من صيغ العموم التي لم يدخلها تخصيص أبدًا، وهذا العموم يشمل أفعاله وأفعال العباد الكليات والجزئيات، يعلم ما يقع, وما سيقع, ويشمل الواجب والممكن والمستحيل، فعلم الله تعالى واسع شامل محيط, لا يستثنى منه شيء، فأما علمه بالواجب، فكعلمه بنفسه, وبما له من الصفات الكاملة، وأما علمه بالمستحيل، فمثل قوله تعالى: {لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلاّ اللَّهُ لَفَسَدَتَا} [الأنبياء: 22]، وقوله: {إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُبَابًا وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ} [الحج: 73] ، وأما علمه بالممكن، فكل ما أخبر الله به عن المخلوقات، فهو من الممكن: {يَعْلَمُ مَا تُسِرُّونَ وَمَا تُعْلِنُونَ} [النحل: 19].
إذن، فعلم الله تعالى محيط بكل شيء. انتهى. وللفائدة يرجى مراجعة هذه الفتوى: 14739.
والله أعلم.