الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا حرج عليك فيما فعلته، طالما تم ذلك بوسائل مشروعة، فقد نص أهل العلم على منع إحداث الجار ما يضر بجاره.
قال ابن عاصم في تحفة الحكام:
وَمُحْدِثٌ ما فِيهِ لِلْجَارِ ضَرَرْ * محَقَّقٌ يُمْنَعُ مِنْ غَيْرِ نَظَرْ
كالفُرْنِ والبَابِ وَمِثْلِ الأَنْدَرِ * أوْ ما لهُ مَضَرَّةٌ بالجُدُرِ.
قال شراحه: ما فيه ضرر محقق بالبينة كونه ضرراً كالأمثلة المذكورة لا محتمل كونه ضرراً، أو كان غير ضرر كصوت الصبيان في المكتب وصوت الرحى ونحوهما، فقد صح عن نبينا صلى الله عليه وسلم أنه قال: لا ضرر ولا ضرار ـ رواه في الموطإ وغيره.
وانظر الفتوى رقم: 94235.
ولا يعتبر فعلك هذا قطعا لرزقه، فرزقه ليس عندك ولا إليك؛ بل رزقه على ربه، ولا أحد من البشر يقدر على قطع رزق قسمه الله لعبده، فالله تعالى هو الرزاق، كما قال سبحانه: إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ {الذاريات: 58}.
وقال عز وجل: قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ قُلِ اللَّهُ {سبأ: 24}.
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن روح القدس نفث في روعي أن نفسا لن تموت حتى تستكمل أجلها وتستوعب رزقها. رواه أبو نعيم، وصححه الألباني.
فالأرزاق مقسومة، قد كتبت للإنسان وهو في بطن أمه، وإن كانت قد قدرت بأسبابها، فلا يستطيع أحد أن يقطع رزق أحد إلاَّ فيما قضاه الله عز وجل وقدره.
والله أعلم.