الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن وجوب ضمان العارية إذا تلفت أو ضاعت وهي في يد المستعير مختلف فيه بين أهل العلم، فروي عن ابن عباس وأبي هريرة ـ رضي الله عنهما ـ وهو مذهب أحمد والشافعي وإسحاق وعطاء وجوب ضمانها على المستعير، سواء أتعدى في الاستعمال والحفظ، أم لم يتعد فيهما، وذهب الثوري وأبو حنيفة ومالك والأوزاعي، وهو قول الحسن والنخعي والشعبي وعمر بن عبد العزيز إلى أنه لا يجب ضمانها إلا بالتعدي، والراجح ـ والله أعلم ـ هو المذهب الأول لما رواه أبو داود عن صفوان بن أمية: أن النبي صلى الله عليه وسلم استعار منه أدرعاً يوم حنين، فقال أغصباً يا محمد؟ قال: بل عارية مضمونة.
ولما رواه أبو داود والترمذي عن سمرة ـ رضي الله عنه ـ عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: على اليد ما أخذت حتى تؤديه.
ولأنه كما قال ابن قدامة: أخذ ملك غيره لنفع نفسه منفرداً بنفعه من غير استحقاق ولا إذن في الإتلاف، فكان مضموناً كالغصب والمأخوذ على وجه السوم. اهـ
وعليه، فالملف الذي أعرته لصاحبك وادعى ضياعه إن كانت له قيمة معتبرة، فلا حرج عليك أن تطلب من صاحبك قيمته، ويلزمه ذلك، أو يجعل الكتب عوضا عنه لو تراضيتما عليه، وليس لك أن تمسك كتبه عندك بدون رضاه بسبب ما ذكرت، لحديث: أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك. وراه أحمد وأبو داود.
والله أعلم.