الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن سأل من يثق في علمه ودينه من أهل الفتوى فأفتاه في مسألته كان له أن يعمل بتلك الفتوى، ولا يلزمه سؤال غيره من المفتين، وانظر الفتوى رقم: 62133.
وعليه، فما دمت سألت أهل العلم فأفتوك بما تطمئن نفسك لصحته، فلا يلزمك أن تسأل مفتيا آخر، ولا حرج عليك في العمل بهذه الفتوى، وأما زوجتك: فإن كانت غير مطمئنة لتلك الفتوى فلا يلزمها العمل بها، وعليها أن تسأل حتى تطمئن نفسها لصحة الفتوى، ولا يجوز لها العمل بما تعتقد بطلانه، جاء في مواهب الجليل في شرح مختصر خليل: وَلَوْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ: اخْتَارِي، فَقَالَتْ: قَدْ اخْتَرْت نَفْسِي، وَهِيَ تَذْهَبُ إلَى أَنَّ الْخِيَارَ ثَلَاثٌ، وَالزَّوْجُ يَرَاهُ وَاحِدَةً، فَإِنَّ الْحُكْمَ لَا يُبِيحُ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تُمَكِّنَ الزَّوْجَ مِنْهَا، وَلْتَمْنَعْهُ جَهْدَهَا وَلَوْ رَفَعَهَا إلَى قَاضٍ يَرَى الْخِيَارَ طَلْقَةً فَارْتَجَعَهَا الزَّوْجُ، فَلَا يُبِيحُ لَهَا الْحُكْمُ مَا هُوَ عِنْدَهَا حَرَامٌ وَلَا يَحِلُّ لَهَا أَنْ يَأْتِيَهَا الزَّوْجُ إلَّا وَهِيَ كَارِهَةٌ. اهـ
وقال الرحيباني الحنبلي رحمه الله: وَلَهُ إلْزَامُهَا بِغُسْلِ نَجَاسَةٍ إنْ اتَّحَدَ مَذْهَبُهُمَا، وَإِنْ اخْتَلَفَ بِأَنْ كَانَ كُلٌّ مِنْهُمَا عَارِفًا بِمَذْهَبِهِ عَامِلًا بِهِ، فَيَعْمَلُ كُلٌّ بِمَذْهَبِهِ، وَلَيْسَ لَهُ الِاعْتِرَاضُ عَلَى الْآخَرِ، لِأَنَّهُ لَا إنْكَارَ فِي مَسَائِلِ الِاجْتِهَادِ. اهـ
والخلاصة: أن زوجتك لا يلزمها العمل بمقتضى الفتوى المذكورة، بل لا يجوز لها إذا لم تطمئن لصحتها، وليس من حقك أنت إلزامها بذلك، وعليه فالخيار الأخير وهو الذهاب إلى مفت آخر هو الحل.
والله أعلم.