الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الفرقة التيجانية من فرق البدع والضلال، كما بينا ذلك في الفتويين: 11073 139109 .
وإعانة المبتدعة على بناء زواياهم، والأماكن التي يمارسون فيها مظاهر الشرك، والبدع، لا تجوز، كما بيناه في الفتويين: 64035 53197 .
وأمر الوزارة بجمع التبرعات لبناء زاوية لهذه الفرقة البدعية، لا يسوغ للإمام الإقدام على ذلك؛ فإنه ( لا طاعة لبشر في معصية الله ) كما جاء في الحديث الذي أخرجه الإمام أحمد في مسنده.
لكن مجرد الإعانة على بناء الأماكن التي يشرك فيها بالله ليس كفرا، ما لم يصل ذلك بفاعله إلى الرضا بالكفر والشرك، فقد ذكر جمهور الفقهاء تحريم عمل المسلم في بناء الكنيسة، ولم يجعلوا ذلك كفرا وردة.
قال الشافعي في الأم: وَأَكْرَهُ لِلْمُسْلِمِ أَنْ يَعْمَلَ بِنَاءً أَوْ نِجَارَةً أَوْ غَيْرَهُ فِي كَنَائِسِهِمْ الَّتِي لِصَلَوَاتِهِمْ. اهـ.
وفي شرح الحطاب المالكي: أَنْ يُؤَاجِرَ الْمُسْلِمُ نَفْسَهُ لِكَنْسِ كَنِيسَةٍ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ, أَوْ لِيَرْعَى الْخَنَازِيرَ، أَوْ لِيَعْصِرَ لَهُ خَمْرًا؛ فَإِنَّهُ لا يَجُوزُ, وَيُؤَدَّبُ الْمُسْلِمُ إلا أَنْ يَتَعَذَّرَ بِجَهَالَةٍ .اهـ.
وفي أحكام أهل الذمة لابن القيم الحنبلي: فإن كانت الإجارة على عمل يتضمن تعظيم دينهم وشعائره، لم يجز، كما نص عليه أحمد في رواية إسحاق بن إبراهيم. وقد سأله رجل بناء: أبني ناووسا للمجوس؟ فقال: لا تبن لهم. وقال أبو الحسن الآمدي: لا يجوز أن يؤجر نفسه لعمل ناووس ونحوه، رواية واحدة. اهـ. بتصرف.
وراجع للفائدة الفتوى رقم: 34046 .
ولو فرضنا جدلا أن الفعل كفر، فإن المعين لا يحكم بكفره إذا وقع في أمر كفري إلا بعد قيام الحجة عليه، كما بينا ذلك في الفتويين: 721 65312
فالحاصل أن ما قام به هذا الإمام من جمع التبرعات لبناء زاوية للتيجانية، عمل محرم، لكنه ليس كفرا، فالصلاة خلفه جائزة صحيحة، وحتى إن قلنا بفسق الإمام بهذا الصنيع، فإن الصلاة خلف الفاسق صحيحة على المرجح عندنا.
قال ابن هبيرة: واختلفوا في إمامة الفاسق. فقال أبو حنيفة والشافعي: تصح. وقال مالك: إذا كان فسقه بغير تأويل لا تصح، وإن كان بتأويل فإنه ما دام في الوقت يقضي. وعن أحمد روايتان أشهرهما: أنها لا تصح. اهـ.
وانظر الفتوى رقم: 77308 .
والله أعلم.