الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فليس من سمات المسلم أن يرغب عن سنة النبي صلى الله عليه وسلم التي فعلها، أو أمر بها، ويكفي عقابًا على ذلك ما رواه ابن خزيمة في صحيحه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من رغب عن سنتي، فليس مني. والله تعالى قد ربط طاعته بطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم، وجعل اتباعه علامة على محبته، وجعل طاعته سببًا لدخول الجنة، وعدم طاعته علامة على الإباء عن دخول الجنة، وجعل مخالفة أمره صلى الله عليه وسلم، سببًا لتعرض الإنسان للفتنة، وللعذاب الأليم، قال تعالى: وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ {الأنفال:1}، وقال تعالى: قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ {آل عمران:31}، وفي صحيح البخاري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: كل أمتي يدخلون الجنة، إلا من أبى، قيل: ومن يأبى يا رسول الله!؟ قال: من أطاعني، دخل الجنة، ومن عصاني، فقد أبى. وقال تعالى: فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ {النور:63}.
وهذه الأمثلة التي ذكرتها، ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم فيها أمر صحيح صريح، من خالفه يعد مخالفًا لأمر الرسول صلى الله عليه وسلم، معرضًا للعواقب التي رتبها الله تعالى على ذلك، إضافة إلى أن هديه فيها معروف -صلى الله عليه وسلم-.
أما الإسبال، فقد نهى عنه، وحذّر منه أشد تحذير، كما في صحيح مسلم، وغيره أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة، ولا ينظر إليهم، ولا يزكيهم، ولهم عذاب عظيم، قرأها رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث مرات، فقال أبو ذر: خابوا وخسروا، من هم يا رسول الله؟ قال: المسبل، والمنان، والمنفق سلعته بالحلف الكاذب.
وقد حدد النبي صلى الله عليه وسلم المكان الذي ينبغي أن لا يتجاوزه إزار المؤمن، فقال -كما في المسند، وغيره-: إزرة المؤمن إلى عضلة ساقيه، ثم إلى نصف ساقيه، ثم إلى كعبيه، فما كان أسفل من ذلك في النار.
وأما حلق اللحية، وعدم حلق الشارب، فذلك مخالف مخالفة صريحة لأمر النبي صلى الله عليه وسلم، ومخالف لهديه الثابت عنه، ففي الصحيحين أنه صلى الله عليه وسلم قال: خالفوا المشركين، وفروا اللحية، وأحفوا الشوارب. (وأحفوا) معناها: قصوا.
فحالق اللحية مشابه للمشركين، ومخالف لأمر النبي صلى الله عليه وسلم، وهديه الثابت عنه، وقد وصف النبي صلى الله عليه وسلم بأنه كث اللحية، قد كادت تملأ نحره، كما في المسند، وغيره.
والله أعلم.