الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن المعلوم أنه يجب على المسلم أن يصلي في اليوم والليلة خمس صلوات في أوقاتها، وأنه لا يجوز له إخراجها عن وقتها إلا لعذر من نوم، أو نسيان، وأن صاحب العمل لا يجوز له منع من تحته من العمال من أداء الصلاة في وقتها؛ فإن الوقت الذي تؤدى فيه الصلوات المفروضة مستثنى من وقت العمل.
جاء في الموسوعة الفقهية: وَصَاحِبُ الْحِرْفَةِ إِذَا كَانَ أَجِيرًا خَاصًّا لِمُدَّةٍ مُعَيَّنَةٍ، فَإِنَّ الإِجَارَةَ لا تَمْنَعُهُ مِنْ أَدَاءِ الْمَفْرُوضِ عَلَيْهِ مِنَ الصَّلاةِ، وَلا يَحْتَاجُ لإِذْنِ الْمُسْتَأْجِرِ فِي ذَلِكَ، وَلا يَنْقُصُ ذَلِكَ مِنْ أَجْرِهِ. وَفِي أَدَاءِ السُّنَنِ خِلافٌ. انتهى.
فإذا عُلم أنه لا يحتاج العامل لإذن المستأجر في صلاة الفريضة، فلا حرج عليه أن يصليها خفية دون علمه.
وأما التخلف عن صلاة الجمعة، فلا يجوز لمن وجبت عليه إلا لعذر شرعي، من سفر، أو مرض، أو مطر، ومن تخلف عنها من غير عذر ولو مرة واحدة فهو آثم، وقد عرض نفسه للوعيد، فقد ثبت في صحيح مسلم وغيره أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول وهو على أعواد منبره: لينتهين أقوام عن ودعهم الجمعات، أو ليختمن الله على قلوبهم، ثم ليكونن من الغافلين. ويزداد الإثم إن تتابع على تركها بغير عذر ثلاث جمع. ففي المسند والسنن أنه صلى الله عليه وسلم قال: من ترك ثلاث جمع تهاوناً من غير عذر طبع الله تبارك وتعالى على قلبه.
فعلى زوجك أن يطلب من صاحب العمل أو المراقب عليه وقتا لصلاة الجمعة؛ فإن لم يستجيبا ويأذنا له، فإنه يكون بعد ذلك معذورا في التخلف عن الجمعة.
قال العلامة قليوبي وهو شافعي أثناء تعداده للأعذار في التخلف عن الجمعة قال: ومنه إجارة العين لمن لم يأذن له المستأجر، أو لزم فساد عمله. انتهى.
وقال صاحب الروض عند ذكره لتلك الأعذار: ويعذر بتركهما خائف من ضياع ماله، أو فواته، أو ضرر فيه كمن يخاف على ماله من لص ونحوه، أو له خبز في تنور يخاف عليه فساداً، أو له ضالة، أو آبق يرجو وجوده إذا أو يخاف فوته إن تركه ولو مستأجرا لحفظ بستان أو مال، أو ينضر في معيشة يحتاجها. انتهى.
قال النجدي في حاشيته على الروض معلقاً على الجملة الأخيرة: (ينضر في معيشة... إلخ): بأن عاقه حضور جمعة أو جماعة عن فعل ما هو محتاج لأجرته، كما لو كانت أجرته بقدر كفايته، أو هو وعياله، أو ثمنه، أو تحصيل تملك مال يحتاج إليه. انتهى.
وعلى المسلم بذل جميع الأسباب لإرضاء ربه وامتثال أمره، وأعظم أمره سبحانه وتعالى الصلاة؛ فإنها عماد الدين. وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا {الطلاق:2-3}. وللفائدة يرجى مراجعة هذه الفتاوى: 142081، 44018.
والله أعلم.