الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن هذه الكبسولات ـ بحسب كثير من المصادر ـ تحتوي بشكل رئيس على مادة الجلوتاثيون، وهي نفس المادة المستخدمة في إبر التبييض، والتي تعمل على تثبيط إنتاج الميلانين، وهي المادة الصبغية التي تفرز من خلايا في جلد الإنسان، والتي تحدد لون البشرة، فعند زيادة إفراز الميلانين يحدث اسمرار للبشرة، وعند قلته يحدث بياض في البشرة، وهذه الكبسولات تستخدم لمدة عدة أشهر بحسب لون البشرة فتعمل على تغيير لون البشرة بصفة دائمة وليست مؤقتة ـ تماما كما يحدث عند استخدام إبر التبييض ـ وبالتالي، فحكم هذه الكبسولات ينطبق عليه حكم إبر التبييض الذي تقدم في الفتوى رقم: 123530. وهو عدم جواز استخدامها إذا كان ذلك بغرض زيادة الحسن، لأنه يعتبر تغييراً لخلق الله، ففي حديث عبد الله بن مسعود ـ رضي الله عنه: لعن الله الواشمات والمستوشمات، والنامصات والمتنمصات، والمتفلجات للحسن، المغيرات خلق الله. رواه البخاري ومسلم.
وقد قطع الشيطان على نفسه عهداً بأمر من اتبعه من العباد بتغيير خلق الله، قال تعالى حاكياً ذلك عنه: وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ {النساء:119}.
أما إذا كان التبييض لعلاج مرض أو لإزالة عيب فلا بأس به، وقد سئل الشيخ محمد بن عثيمين ـ رحمه الله ـ عن استعمال بعض المراهم والأدهان التي تسهم في تبييض البشرة وإزالة آثار حب الشباب كالندبات ونحوها، فأجاب: أما الأول: فلا، أي لا تستعمل شيئاً يتغير به لون الجِلْد، لأن هذا أشد من الوشم الذي لُعنت فاعلته، وأما إزالة حب الشباب وما شابهها: فلا بأس، لأن هذه معالجة مرض، ومعالجة المرض لا بأس بها، فهناك فرق بين ما يُقصد به التجميل وبين ما يقصد به إزالة العيب، فالأول ليس بجائز إذا كان على وجه ثابت، والثاني جائز.
إضافة إلى ذلك: يجب مراعاة أن ما يثبت ضرره يحرم استعماله، لقوله صلى الله عليه وسلم: لا ضرر ولا ضرار. رواه مالك وأحمد وابن ماجه والنسائي.
والذي يقرره الأطباء أنه كلما كان لون الجلد أفتح كانت قدرته على الحماية والمقاومة أقل، ويكون أكثر عرضة للإصابة بمرض السرطان، وأشد تأثراً بالحروق، وبالتالي نخشى ألا تكون هذه الحبوب آمنة من الأضرار ولو على المدى البعيد،
ولمزيد الفائدة يمكن الاطلاع على الفتويين رقم: 6291، ورقم: 7452.
وبناء على ما تقدم: فإنه لا يجوز لك بيع هذه الكبسولات لمن يستخدمها لغرض تبييض البشرة على الوجه المحرم المذكور سابقا، لقوله تعالى: وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ {المائدة:2}.
وقوله عليه الصلاة والسلام: إن الله إذا حرم شيئاً حرم ثمنه. رواه أحمد وابن حبان.
ويمكن للسائلة الاستغناء عن ذلك ببيع كريمات التبييض والتي لا يترتب عليها تغيير لون البشرة بصفة دائمة أو طويلة المدى والتي ليس فيها ضرر، والتي تقدم جواز استعمالها، كما في الفتويين رقم: 19759، ورقم: 57142.
والله أعلم.