الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلنا على هذا الكلام بعض التعقيبات:
أولا: الصفرة والكدرة مختلف في حكمهما بين أهل العلم اختلافا كبيرا، وقد أوضحنا هذا الخلاف في الفتوى رقم: 117502. وأوضحنا ما نرجحه في حكمها وأنها حيض في مدة العادة، أو إذا كانت متصلة بالدم، وليست حيضا فيما عدا ذلك في الفتوى رقم: 134502.
فعلى ما نرجحه، فإذا رأت المرأة كدرة قبل رؤية الدم، فينظر إن كان ذلك في مدة عادتها، فهو حيض، وإلا فلا. والقول بأنها ليست حيضا مطلقا، أو بأنها حيض بعد الدم لا قبله. أقوال لبعض أهل العلم، فليس على من ترجحت له، أو قلد من يفتي ببعضها، حرج. وقد أوضحنا ما يجب على العامي إذا اختلفت عليه أقوال العلماء في الفتوى رقم: 120640.
ثانيا: القول بأن رطوبات الفرج المعتادة لا تنقض الوضوء، قول غير صحيح، بل لا يعرف قائل به غير ابن حزم- رحمه الله-، والصواب أنها ناقضة للوضوء ولكنها طاهرة، فلا يجب تطهير ما يصيب البدن والثوب منها؛ ولتنظر الفتوى رقم: 110928.
ثالثا: الكدرة نجسة، فالفرق بينها وبين الرطوبات المعتادة ليس في نقض الوضوء، ولكن في وجوب تطهير البدن والثوب؛ ولتنظر الفتوى رقم: 178713 ، ورقم: 167711.
رابعا: الزعم بأن من ترى الكدرة تتوضأ لكل صلاة، كلام غير منضبط، بل هي إذا كانت لا تعد حيضا، فينظر إن كان خروجها يستمر طيلة الوقت بحيث لا تجد وقتا يتسع لفعل الصلاة بطهارة صحيحة، فهنا يكون حكمها حكم صاحب السلس، فتتوضأ لكل صلاة بعد دخول وقتها، وتصلي بوضوئها الفرض وما شاءت من النوافل في قول الجمهور. وأما إن كانت تجد زمنا يتسع لفعل الصلاة بطهارة صحيحة، فلتنتظر حتى يأتي ذلك الوقت، فتصلي فيه؛ ولتنظر الفتوى رقم: 136434، ورقم: 119395.
خامسا: من رأت الكدرة حيث لا تعد حيضا، فلها جميع أحكام الطاهرات. ومن كانت عدت الكدرة حيضا حيث لا تعد حيضا، فنرجو ألا يلزمها القضاء؛ ولتنظر الفتوى رقم: 125010، ورقم: 125226. ومن أرادت القضاء احتياطا فهو حسن؛ ولتنظر لكيفية القضاء الفتوى رقم: 70806.
والله أعلم.