الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله عز وجل أن يزيدك هداية وتوفيقا، وأن يجعل ما أصابك رفعة لك في الدارين، ونوصيك ببر أبيك والإحسان إليه، وأن لا تجعلي تقصيره في حقك موجبا لنقصان شيء من برك له، ولتصلي إخوانك وإن أساؤوا، واعلمي أن العفو من الخصال الحميدة، فهو من صفات المتقين، كما قال سبحانه: وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ {آل عمران: 133 ـ134 }.
والعفو سبب لمغفرة الله لمن عفا، كما قال تعالى: وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ {النور:22}.
وانظري المزيد من فضائل العفو في الفتوى رقم: 27841.
وقولك: إذا عفونا عمن ظلمنا فهذا يقيه من عقاب الله على ما فعله، ولن يحاسبه الله في الدنيا أو الآخرة ـ فالجواب عنه: أن الظلم في تحريمه حقان: حق لله، وحق للمظلوم، وعفو المظلوم عن ظالمه يسقط حقه، ولا يسقط حق الله عز وجل عن الظالم، بل لا بد أن يتوب الظالم من ظلمه ليسقط حق الله عنه، وإن لم يتب الظالم من الظلم فهو معرض للوعيد ـ وإن سامحه المظلوم ـ إلا أن يعفو الله عنه، وانظري للفائدة الفتوى رقم: 187273.
و الدعاء على الظالم يخفف عنه الإثم، وإذا خفف عنه الإثم فإنه يخفف عنه العقوبة كذلك، قال الصنعاني: أخرج أحمد وأبو داود عن عطاء عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لها: وقد دعت على سارق سرقها ملحفة لا تسبخي عنه بدعائك عليه ـ ومعناه لا تخففي عنه الإثم الذي يستحقه بالسرقة، وهذا يدل على أن الظالم يخفف عنه بدعاء المظلوم عليه ـ وروى أحمد في كتاب الزهد عن عمر بن عبد العزيز أنه قال: بلغني أن الرجل ليظلم مظلمة فلا يزال المظلوم يشتم الظالم وينتقصه حتى يستوفي حقه ويكون للظالم الفضل عليه؛ وفي الترمذي عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: من دعا على من ظلمه فقد انتصر. اهـ.
و للاطلاع على كتب يوصى بها المتبدئ في طلب العلم راجعي الفتويين رقم: 57232، ورقم: 27788.
والله أعلم.