الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فبحسب ما اتضح لنا من السؤال يظهر أن مناط الإشكال عند السائل يدور حول أمور ثلاثة:
أولها: حكم معاملة مسؤول المشتريات في المستشفى مع ما يطلبه لنفسه من عمولة خاصة به، وذلك ينبني على مدى مشروعية طلبه لذلك، فإن كان يفعله دون إذن من جهة عمله، فلا يجوز التعامل معه فيه وبذل الرشوة له، لقوله تعالى: وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ {المائدة:2}.
وانظر الفتوى رقم: 101816.
وما طلبه منكم صاحب شركتكم من التعامل مع ذلك المسؤول على أية حال ولو كانت معاملته محرمة لا يجوز لكم ولا اعتبار لطلبه، فلا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، وعلى احتمال حرمة ما يفعله ذلك المسؤول فينصح بالكف أولا ويهدد بإخبار ابن أخيه أو من هو مسؤول عنه، فإن لم يكف عن ذلك فأخبروا ابن أخيه ولولم يصدقكم فقد فعلتم ما عليكم فعله.
وأما لو كان مسؤول المشتريات يطلب تلك العمولة ويفعل ما يفعل عن إذن من جهة عمله، فلا حرج في التعامل معه.
الأمر الثاني: مسألة توريدكم لما ليس عندكم من بضاعة بناء على رغبة مسؤول المشتريات وحتى لو كان عندكم لكن مسؤول المشتريات يريد استيراده من جهة أخرى مقابل عمولة تأخذونها عوضا عن ذلك: فهذا لا حرج فيه أيضا شريطة أن تكون جهة عملكم قد أذنت لكم في تلك المعاملة والاعتياض عنها، وإلا فيدخل ذلك في مسألة عمل الأجير الخاص عند غير مستأجره وقد بينا ما يترتب عليه في الفتوى رقم: 30058.
ولا يجوز التعدي على الشركات الأخرى التي حصلت على حق التوريد بموجب مناقصة معينة، فلا يجوز دفع رشوة لمسؤول المشتريات ليتم لكم ذلك.
الأمر الثالث: كون جهة عملكم قد تورد لمن رست عليه المناقصة مقابل عمولة: فهذا لا حرج فيه بشرط أن لا يشترط صاحب المشروع على من رست عليه المناقصة مباشرة العمل بنفسه، والظاهر عدم ذلك، وعليه، فلا حرج في المعاملة المذكورة ما لم تتضمن غشا أوخداعا ونحوه.
وأما كيفية التحلل مما أخذ بغير حق إن كان في المعاملات المذكورة شيء منه بناء على ماذكرناه: فيكون بالتحلل من صاحب الحق وطلب المسامحة منه، فإن لم يفعل ذلك وطالب بحقه فلا بد من رده إليه ولولم يكن المرء قادرا على ذلك فعليه إنظاره إلى حين ميسرة، وللمزيد حول التصرف في المال المكتسب من الحرام انظر الفتوى رقم: 138863.
وننبهك على أننا أجبنا السؤال بناء على ما فهمناه منه، وإن كان المقصود غيره فيرجى إيضاحه كي نجيب عنه.
والله أعلم.