الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فكل ما يفعله العبد من خير أو شر، فإنه يجده في صحيفته يوم القيامة؛ قال تعالى: فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ {الزلزلة7 : 8}. فمن أذنب ثم تاب، فإنه يجد في كتابه ذنبه الذي أذنبه، وتوبته منه التي محت عنه ذلك الذنب.
قال العلامة السفاريني- رحمه الله- في شرحه على معتقده: والصحيح كتبهم الصغائر المغفورة، وإن غفرت باجتناب الكبائر، قال الحافظ ابن رجب - رحمه الله -: لا تمحى الذنوب من صحائف الأعمال بتوبة، ولا غيرها، بل لا بد أن يوقف عليها صاحبها ويقرأها يوم القيامة. واستدل بقوله - تعالى -: {ووضع الكتاب فترى المجرمين مشفقين مما فيه ويقولون يا ويلتنا ما لهذا الكتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها. [الكهف: 49] الآية، وبقوله - تعالى -: فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره. وقد ذكر بعض المفسرين أن هذا القول هو الصحيح عند المحققين، وقد روي هذا القول عن الحسن البصري، وبلال بن سعد الدمشقي، قال الحسن في العبد يذنب ثم يتوب ويستغفر: يغفر له ولكن لا يمحاه من كتابه دون أن يقفه عليه، ثم يسأله عنه، ثم بكى الحسن بكاء شديدا، وقال: لو لم نبك إلا للحياء من ذلك المقام لكان ينبغي لنا أن نبكي. وقال بلال بن سعد: إن الله يغفر الذنوب ولكن لا يمحاها من الصحيفة، حتى يوقفه عليها يوم القيامة، وإن تاب. انتهى.
والله أعلم.