الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فجمعا بين هذا السؤال وسؤالك ذي الرقم: 2406645، نقول في الجواب: ما فعلته أمك من خروجها مع زوجها إلى حيث أمرها هو الواجب عليها، لأن زوجها أملك بها من أمها، فلا يلحقها في فعلها إثم، قال شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله تعالى ـ في الفتاوى: المرأة إذا تزوجت كان زوجها أملك بها من أبويها، وطاعة زوجها عليها أوجب.
فلا موجب إذن لبكاء هذه الأم وجزعها على ما حصل لا سيما مع برها الواضح بوالدتها، فلتكف عن هذا البكاء ولتلهج بالدعاء بالمغفرة والرحمة لوالدتها, ونحن نسأل الله تعالى أن يتقبل ما كانت عليه أمكم من برّها بأمها وملاطفتها وإسعافها إياها ويستجيب دعاءها الصالح لها، فقد أخرج الإمام أحمد وأبو داود والترمذي من حديث أبي هريرة مرفوعاً: ثلاث دعوات مستجابات لا شك فيهن: دعوة الوالد على ولده، ودعوة المسافر، ودعوة المظلوم.
قال في فيض القدير: لأنه صحيح الشفقة عليه، كثير الإيثار له على نفسه، فلما صحت شفقته استجيبت دعوته، ولم يذكر الوالدة مع أن آكدية حقها تؤذن بأقربية دعائها إلى الإجابة من الوالد، لأنه معلوم بالأولى.
وللفائدة: فالولد إذا كان برّا بأبويه فهو مرجوّ المغفرة والمنزلة عند الله تعالى، ولو بدرت منه بادرة زلة فهي مظنة العفو، قال سبحانه: رَّبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا فِي نُفُوسِكُمْ إِن تَكُونُواْ صَالِحِينَ فَإِنَّهُ كَانَ لِلأَوَّابِينَ غَفُورًا {الإسراء:25}.
جاء في القرطبي عند تفسيره لهذه الآية: وقال ابن جبير: يريد البادرة التي تبدر، كالفلتة والزلة، تكون من الرجل إلى أبويه أو أحدهما، لا يريد بذلك بأساً، قال الله تعالى: إن تكونوا صالحين.. أي صادقين في نية البر بالوالدين، فإن الله يغفر البادرة وقوله: فإنه كان للأوابين غفوراً ـ وعد بالغفران مع شرط الصلاح والأوبة.
والله أعلم.