الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن السلام على المشتغلين بالصلاة وغيرها، كرهه كثير أهل العلم، وذهب الحنابلة إلى القول بعدم الكراهة؛ كما سبق بيانه في الفتاوى التالية أرقامها: 16214، 15329 72893.
والذي يترجح من كلام أكثرهم كراهة السلام على المشغول بصلاة أو غيرها؛ لما في ذلك من التشويش عليه.
قال الشيخ ابن عثيمين في اللقاء الشهري: ثم إن السلام لا ينبغي أن يلقى إلى شخص متشاغل، بحيث يشوش عليه، فإذا رأينا أن شخصاً يقرأ القرآن يتحفظه، يتدبره، ويغلب على الظن أو نجزم بأننا إذا سلمنا عليه شوشنا عليه، فالسنة ألا نسلم؛ لأن ذلك يشغله إلا إذا رأيناه متهيئاً ينظر إلينا يريد أن نسلم، فحينئذ نسلم؛ لأن ترك السلام عليه حينئذ يحدث في قلبه شيئاً.
وعلى ذلك؛ فإن السلام على المشتغل بالصلاة خلاف الأولى، ولكن لا إثم على فاعله، والأولى أن يرد المصلي بالإشارة، كما بينا في الفتاوى المشار إليها. ولا إثم عليه إذا لم يفعل.
ولذلك فإنه لا إثم على هذا المسلِّم؛ لأنه لم يفعل حراما، ولا إثم على هؤلاء المصلين؛ لأن رد السلام ليس بواجب على المصلين ولأنهم نسوا الرد بعد السلام، والقلم مرفوع عن الناسي.
ورد السلام في الصلاة من المواضع الخمس والعشرين التي لا يجب فيها الرد، وقد نظمها بعض المالكية فقال:
ردّ السلام واجب إلا على من في صلاة، أو بأكل شُغلا
أو شرب، أو قراءة، أو أدعيةْ أو ذكر، أو بخطبة، أو تلبيةْ
أو في قضاء حاجة الإنسانِ أو في إقامة، أو الأذان
أو سلّم الطفلُ، والسكرانُ أو شابةٌ يخشى بها افتتان
أو فاسق، أو ناعس، أو نائمُ أو حالة الجماع، أو تحاكمُ
أو كان في الحمام، أو مجنونا فواحد من بعده عشرونا
والله أعلم.