الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فليس أحد من الصحابة ـ لا الخلفاء الأربعة ولا غيرهم ـ معصوما، وقد وقع الخطأ منهم في مواضع، فإنه ليس من شرط الولي ألا يخطئ، فالإخبار بذلك على وجهه مع بيان أن الله تعالى قد غفر لهم ما وقع منهم، وأنهم هم السابقون الأولون الموعودون بالجنة، وأنهم خيار هذه الأمة وذكر ما لهم من الفضيلة، وأن الله رضي عنهم ورضوا عنه ونحو ذلك لا حرج فيه.
وأما الإخبار به بقصد تنقصهم: فهذا محرم، فإن تنقص أصحاب النبي صلوات الله عليه عامة والخلفاء الأربعة خاصة مما لا يجوز، وانظر الفتويين رقم: 184243، ورقم: 188403.
وأما توسل عمر بدعاء العباس: فأي خطأ فيه؟ والعباس رجل صالح من خيار المسلمين، وهو من آل بيت النبوة، فرجا عمر بركة دعائه للمسلمين فطلب منه أن يدعو لهم.
وأما ما وقع بين عثمان وأبي ذر فأمر اجتهد فيه ولي الأمر ورأى فيه مصلحة المسلمين وامتثل أبو ذر فخرج إلى الربذة، فمثل هذا من أمور السياسة مما يفعل عن اجتهاد ونظر في المصلحة لا يسمى خطأ.
وأما ما وقع بين الصحابة من قتال: فكانوا فيه مجتهدين؛ لمصيبهم أجران ولمخطئهم أجر. والواجب علينا أن نكف عما شجر بينهم، وأن نعقد قلوبنا على محبتهم، ونطلق ألسنتنا بالثناء عليهم وعدم تنقص أحد منهم، مع معرفة الفضل للفاضل، مع القطع بأنهم كانوا غير معصومين، ولكن ما يقع منهم من الخطأ فهو إما باجتهاد مغفور، وما يكون من تعمد ذلك فهو قطرة تغمرها بحار فضائلهم رضي الله عنهم وأرضاهم.
والله أعلم.