الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الله تعالى مدح أهل قيام الليل بقوله تعالى: أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ {الزمر:9}. وقد مدحهم بقوله: تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ {السجدة:16}. أي تبتعد عن مواضع الاضطجاع، وهي مواضع النوم، ومنه قول عبد الله بن رواحة:
وفينا رسول الله يتلو كتابه ===== إذا انشق معروف من الصبح ساطع
يبيت يجافي جنبه عن فراشه ===== إذا استثقلت بالمشركين المضاجع
وفي سنن الترمذي عن معاذ بن جبل قال: كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفر، فأصبحت يوما قريبا منه ونحن نسير فقلت: يا رسول الله أخبرني بعمل يدخلني الجنة ويباعدني من النار. قال: لقد سألتني عن عظيم، وإنه ليسير على من يسره الله عليه: تعبد الله ولا تشرك به شيئا، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتصوم رمضان، وتحج البيت. ثم قال: ألا أدلك على أبواب الخير؟ الصوم جنة، والصدقة تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار، وصلاة الرجل من جوف الليل. قال: ثم تلا: { تتجافى جنوبهم عن المضاجع } حتى بلغ { يعملون } ثم قال: ألا أخبرك برأس الأمر كله، وعموده، وذروة سنامه؟ قلت: بلى يا رسول الله، قال: رأس الأمر الإسلام، وعموده الصلاة، وذروة سنامه الجهاد. ثم قال: ألا أخبرك بملاك ذلك كله؟ قلت: بلى يا نبي الله، فأخذ بلسانه قال: كف عليك هذا، فقلت: يا نبي الله، وإنا لمؤاخذون بما نتكلم به؟ فقال: ثكلتك أمك يا معاذ، وهل يكب الناس في النار على وجوههم أو على مناخرهم إلا حصائد ألسنتهم. قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح. وقال الشيخ الألباني: صحيح
وبناء عليه، فلا مؤاخذة عليك فيما قلت؛ لأن المعنى المذكور واضح من الآية بدلالة عباراتها، وما جاء من الجزاء للمتهجدين في الآية الموالية، فهذا يدخل في التفسير الذي لا يسع أحدا جهله كما أثر عن ابن عباس؛ وراجع في ذلك الفتوى رقم:143521 وراجع في خطأ المتكلم في القرآن بالرأي المنبني على التخمين من دون اعتماد على الدلالة اللغوية، ولا أقوال أهل العلم الفتوى رقم: 166841
والله أعلم.