الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد حذرنا كثيرًا من الإقامة في بلاد الكفر حيث لا تؤمن الفتنة، ولعل ما ذكرت هو من شؤم إقامتك في هذه البلاد, مع عدم مراعاة الضوابط الشرعية، وانظر الفتوى رقم: 149695.
وعلى كل حال, فاعلم - أيها الأخ - أنه مهما عظم ذنبك, وكبر جرمك, فإن باب التوبة مفتوح لا يغلق في وجه أحد حتى تطلع الشمس من مغربها، وقد وعد الله التائبين بقبول توبتهم, والعفو عنهم, فقال سبحانه: قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ {الزمر:53}، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: التائب من الذنب كمن لا ذنب له.
واعلم - أيها الأخ - أن تركك للصلاة والصيام أعظم من كل كبيرة ارتكبتها - خلا الشرك بالله تعالى - وانظر الفتوى رقم: 130853, ورقم: 111650.
فعليك أن تبادر بتوبة نصوح, نادمًا على ما فرط منك من عظيم الجناية، وأول ذلك أن تحافظ على الصلوات الواجبة، واحرص ما أمكنك أن تؤديها مع إخوانك المسلمين في جماعة، وإذا أتى رمضان فإياك إياك أن تفرط في الصوم الواجب.
وإن كان عليك أيام من رمضان أفطرتها فيما قبل فبادر بقضائها.
وعليك أن تكثر من الفكرة في الموت وما بعده من الأهوال العظام؛ فإن هذا مما يحملك على التوبة ويعينك عليها، واجتهد في البحث عن صحبة صالحة من المسلمين تجتمع بهم, وتأنس إليهم, ويذكر بعضكم بعضًا بالله تعالى، وأقلع عن كل ذنب ارتكبته, مجتهدًا في الدعاء والاستغفار, مستعينًا بالله - جل اسمه - على التثبيت على الهداية, فإن الهدى هدى الله.
ولا يلزمك طاعة أبيك في ترك الزواج، بل إن الزواج في حقك واجب إن كنت تخشى العنت, أي الوقوع في الفاحشة - والعياذ بالله - فإن منعك أبوك فبين له حكم الشرع, وأن الزواج في حقك واجب, وأنك قادر عليه, وأنه لا طاعة لمخلوق في معصية الله تعالى - نسأل الله أن يمن عليك بالتوبة النصوح -.
والله أعلم.