الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد اختلف العلماء: متى شرعت صلاة الجنازة؟ وليس في تعيين ذلك دليل صريح، قال الهيتمي في تحفة المحتاج: هل شرعت صلاة الجنازة بمكة أو لم تشرع إلا بالمدينة؟ لم أر في ذلك تصريحا، وظاهر حديث أنه صلى الله عليه وسلم صلى على قبر البراء بن معرور لما قدم المدينة ـ وكان مات قبل قدومه لها بشهر ـ كما قاله ابن إسحاق وغيره، وما في الإصابة عن الواقدي وأقره أن الصلاة على الجنازة لم تكن شرعت يوم موت خديجة، وموتها بعد النبوة بعشر سنين على الأصح، أنها لم تشرع بمكة، بل بالمدينة. اهـ.
قال الشرواني في حاشيته على التحفة: وقوله: هل شرعت صلاة الجنازة بمكة ـ استظهره في الإيعاب، قوله: وظاهر حديث أنه صلى الله عليه وسلم إلخ، وما في الإصابة إلخ، في الاستناد إلى كل منهما نظر، أما الأول: فلا مانع من صلاتهم عليه بالمدينة عند موته، وأما الثاني: فلا مانع من وجوبها بمكة بعد موتها وقبل خروجه صلى الله عليه وسلم فإن بينهما مدة كما هو مقرر بصري، وقد يجاب بأن ما ذكره من الاحتمالين لا ينافي، لما ادعاه الشارح من الظهور، ولذا قال ع ش بعد سرد كلام الشارح: وإنما قال: وظاهر حديث أنه إلخ، لاحتمال أنها شرعت بمكة بعد موت خديجة وقبل الهجرة. اهـ، قوله: وما في الإصابة إلخ عطف على قوله: حديث إلخ، قوله: أنها لم تشرع بمكة إلخ، أقره ع ش واعتمده شيخنا والبجيرمي. اهـ.
وقال القليوبي في حاشيته على شرح المحلي للمنهاج: تقدم أنها بهذه الكيفية من خصائص هذه الأمة، ولم تشرع إلا في السنة الأولى من الهجرة في المدينة الشريفة، ولم يصل عليه الصلاة والسلام على زوجته خديجة بمكة. اهـ.
والله أعلم.