الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فاشتباه الثياب الطاهرة بالثياب المتنجسة بأن يكون للإنسان – مثلا - أربعة أثواب، وهو يعلم أن اثنين منها متنجسان، ولكنه لا يعرفهما على وجه التحديد، فإنه يتحرى بمعنى أنه يجتهد في تمييز الثوبين المتنجسين من الطاهرين، كأن يشُم الثياب وينظر فيها ونحو ذلك، ثم يصلي في ثوب غلب على ظنه أنه طاهر.
وسواء كان عدد الثياب قليلا -كالمثال الذي ذكرناه- أو كان كثيرا كأن تكون عشرة أثواب، فإنه في كل الأحوال يجتهد في معرفة الثوب الطاهر ويصلي فيه، كمن اشتبهت عليه القبلة ولم يعلم اتجاهها، فإنه يتحرى ويجتهد في معرفتها بالعلامات ونحوها، ويصلي إلى الجهة التي غلبت على ظنه أنها جهة القبلة.
هذا حاصل ما ورد في تلك الفائدة.
وذهب بعض الفقهاء إلى أنه لا يتحرى؛ لأنه ربما أخطأ وصلى في الثوب النجس وههنا حالان:
أولاهما: أن يعلم عدد الأثواب المتنجسة - كما في مثالنا – فإنه يعلم أن ثوبين هما المتنجسان, وفي هذه الحال يصلي بعدد الأثواب المتنجسة ويزيد صلاة، فيصلي في مثالنا ثلاث مرات، في ثلاثة أثواب، حتى يتيقن أنه صلى في الثوب الطاهر.
ثانيهما: أن لا يعلم عدد الأثواب المتنجسة، كأن يكون له خمسة أثواب، وهو يعلم أن بعضها متنجس وبعضها طاهر، ولكنه لا يدري هل المتنجس واحد أو اثنان أو ثلاثة، وفي هذه الحال يعيد الصلاة خمس مرات, كل مرة يصلي في ثوب منها حتى يتيقن أنه صلى في ثوب طاهر.
وقالوا فيمن اشتبهت عليه القبلة لا يتحرى، بل يصلي في الاتجاهات الأربعة حتى يتيقن أنه صلى إلى اتجهاه القبلة .
قال صاحب الروض: وإن اشتبهت ثياب طاهرة بـثياب نجسة يعلم عددها، أو اشتبهت ثياب مباحة بثياب محرمة يعلم عددها، صلى في كل ثوب صلاة بعدد النجس من الثياب أو المحرم منها ينوي بها الفرض احتياطا ...وزاد على العدد صلاة ليؤدي فرضه بيقين, فإن لم يعلم عدد النجسة أو المحرمة لزمه أن يصلي في كل ثوب صلاة حتى يتيقن أنه صلى في ثوب طاهر، ولو كثرت. اهـ.
والله تعالى أعلم