الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فصلاة النساء في المصلى العلوي صحيحة ولا حرج فيها، ويصح لهن الاقتداء بالإمام ما دمن في نفس المسجد لا سيما وأنهن يرين الإمام والصفوف الأولى فلا إشكال في جواز اقتدائهن بالإمام, قال صاحب الروض المربع: يصح اقتداء المأموم بالإمام إذا كانا في المسجد وإن لم يره ولا من وراءه إذا سمع التكبير، لأنهم في موضع الجماعة، ويمكنهم الاقتداء به، بسماع التكبير أشبه المشاهدة... اهـ.
فشرط الاقتداء في المسجد واحد وهو سماع التكبير، وانظر الفتوى رقم: 165361.
وأما صلاة الناس في المسجد القديم: فإن كانت الصفوف تتصل بين المسجدين أي يوجد من يصلي في الممر الفاصل بين المسجدين فيصح اقتداء من في المسجد القديم بالإمام الذي في المسجد الجديد, وأما إن كانت الصفوف لا تتصل، وإنما يرون المأمومين ويسمعون التكبير فقد اختلف العلماء في صحة اقتداء من خارج المسجد بالإمام إذا كان بينهما طريق ولم تتصل الصفوف، فمنهم من قال بصحة الاقتداء، ومنهم من قال بعدم صحته، وهاتان روايتان عن الإمام أحمد, قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى: وَأَمَّا صَلَاةُ الْمَأْمُومِ خَلْفَ الْإِمَامِ خَارِجَ الْمَسْجِدِ أَوْ فِي الْمَسْجِدِ وَبَيْنَهُمَا حَائِلٌ: فَإِنْ كَانَتْ الصُّفُوفُ مُتَّصِلَةً جَازَ بِاتِّفَاقِ الْأَئِمَّةِ، وَإِنْ كَانَ بَيْنَهُمَا طَرِيقٌ، أَوْ نَهْرٌ تَجْرِي فِيهِ السُّفُنُ فَفِيهِ قَوْلَانِ مَعْرُوفَانِ، هُمَا رِوَايَتَانِ عَنْ أَحْمَدَ: أَحَدُهُمَا: الْمَنْعُ كَقَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ، وَالثَّانِي: الْجَوَازُ كَقَوْلِ الشَّافِعِيِّ, وَأَمَّا إذَا كَانَ بَيْنَهُمَا حَائِلٌ يَمْنَعُ الرُّؤْيَةَ وَالِاسْتِطْرَاقَ فَفِيهَا عِدَّةُ أَقْوَالٍ فِي مَذْهَبِ أَحْمَد وَغَيْرِهِ، قِيلَ: يَجُوزُ، وَقِيلَ: لَا يَجُوزُ، وَقِيلَ: يَجُوزُ فِي الْمَسْجِدِ دُونَ غَيْرِهِ، وَقِيلَ: يَجُوزُ مَعَ الْحَاجَةِ وَلَا يَجُوزُ بِدُونِ الْحَاجَةِ، وَلَا رَيْبَ أَنَّ ذَلِكَ جَائِزٌ مَعَ الْحَاجَةِ مُطْلَقًا. اهــ.
فأنت ترى ـ أيها السائل ـ أن المسألة مختلف فيها عند عدم اتصال الصفوف، ولذا نقول: إن الأولى والأحوط أن تصلوا الصفوف بين المسجد الجديد وبين المسجد القديم فيصف المصلون في الممر الذي بينهما إن أمكن ذلك خروجا من الخلاف وانظر المزيد في الفتوى رقم: 184241.
والله أعلم.