الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فينبغي للمسلم الطموح أن يكون له معرفة بأخبار الماضي، واطلاع على سير الرجال الكبار، الذين كان لهم تأثير في صناعة التاريخ والدعوة والجهاد.. وعلى رأس هؤلاء نبينا -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه، ومن أصحابه صلى الله عليه وسلم البارزين الذين كان لهم دور بارز في تاريخ المسلمين وغيرهم.
أما معاوية -رضي الله عنه-، فهو ابن أبي سفيان (صخر) بن حرب بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف. وأمه هند بنت عتبة بن ربيعة بن عبد شمس بن عبد مناف، يجتمع مع النبي -صلى الله عليه وسلم- في الجد الرابع له صلى الله عليه وسلم عبد مناف. وهو معدود من مسلمة الفتح...
قال الذهبي في السير: قيل: إنه أسلم قبل أبيه وقت عمرة القضاء، وبقي يخاف اللحاق بالنبي -صلى الله عليه وسلم- من أبيه، ولكن ما ظهر إسلامه إلا يوم الفتح، وقيل: لو كان قديم الإسلام ما أعطاه النبي -صلى الله عليه وسلم- مع المؤلفة قلوبهم.
حدث عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- واتفق له البخاري ومسلم على أربعة أحاديث، وانفرد البخاري بأربعة، ومسلم بخمسة، كما حدث عن عدد من الصحابة منهم: أخته أم المؤمنين أم حبيبة -رضي الله عنها-، وعن أبي بكر وعمر.
وحدث عنه ابن عباس، وسعيد بن المسيب، وأبو إدريس الخولاني، وعروة بن الزبير، وخلق سواهم من التابعين.
وكان -رضي الله عنه- ممن يكتب لرسول الله -صلى الله عليه وسلم-، قيل: كتب له مرات يسيرة، ونقل الذهبي قال: كان زيد بن ثابت كاتب الوحي، وكان معاوية كاتباً فيما بين رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وبين العرب. اهـ.
عاش معاوية -رضي الله عنه- حياة حافلة بالأحداث العظام، وولي الشام عشرين سنة من قبل عمر وعثمان -رضي الله عنهما-، وتولى الخلافة عشرين سنة بعد أمير المؤمنين علي -رضي الله عنه-، واستتب له الأمر إلى أن توفي سنة ستين هجرية، وعاش سبعًا وسبعين سنة رضي الله عنه.
والحاصل: أن معاوية -رضي الله عنه-، معدود في مسلمة الفتح مع أبيه. وهناك روايات كثيرة تفيد أنه أسلم بعد صلح الحديبية عام عمرة القضاء، والصحيح غير ذلك.
والله أعلم.