الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأما بالنسبة لمسألة هل تكفي نية الزوج التوقيت بمدة معينة دون أن يتلفظ بالمدة فيما إذا فوض الطلاق إلى زوجته؟ فلم نجد نصا لأهل العلم حول هذه المسألة بخصوصها، ولكن اطلعنا على اعتبارهم نيته في التفويض والتوكيل في الطلاق في بعض المواضع، ومنها: أنهم نصوا على أنه إذا فوض الطلاق إلى زوجته وأطلق أي لم يحدد عددا فليس من حقها أن تختار أكثر من واحدة؛ إلا إذا جعل لها ذلك باللفظ أو النية، قال ابن قدامة في الشرح الكبير وهو يتحدث عن الوكيل في الطلاق: مسألة: ولا يطلق أكثر من واحدة إلا أن يجعل ذلك إليه، لأن الأمر المطلق يتناول ما يقع عليه الاسم إلا أن يجعل أكثر من واحدة بلفظه أو نيته، نص عليه، لأنه نوى بكلامه ما يحتمله والقول قوله في نيته، لأنه أعلم بها.....وإن قال لامرأته طلقي نفسك فلها ذلك كالوكيل، فإن نوى عددا فهو على ما نوى، وإن طلق من غير نية لم يملك إلا واحدة. اهـ.
فالذي يظهر ـ والله أعلم ـ أن النية معتبرة فإذا نوى مدة معينة كانت على ما نوى.
وبالنسبة لرد الزوجة التفويض بلفظ الكناية، قال ابن قدامة في المغني: وَهَكَذَا إنْ أَتَتْ بِشَيْءٍ مِنْ الْكِنَايَاتِ، فَحُكْمُهَا فِيهَا حُكْمُ الزَّوْجِ، إنْ كَانَتْ مِمَّا يَقَعُ بِهَا الثَّلَاثُ مِنْ الزَّوْجِ، وَقَعَ بِهَا الثَّلَاثُ إذَا أَتَتْ بِهَا، وَإِنْ كَانَتْ مِنْ الْكِنَايَاتِ الْخَفِيَّةِ، نَحْوُ قَوْلِهَا: لَا يَدْخُلْ عَلَيَّ وَنَحْوِهَا، وَقَعَ مَا نَوَتْ، قَالَ أَحْمَدُ: إذَا قَالَ لَهَا: أَمْرُك بِيَدِك، فَقَالَتْ: لَا يَدْخُلْ عَلَيَّ إلَّا بِإِذْنٍ، تَنْوِي فِي ذَلِكَ، إنْ قَالَتْ: وَاحِدَةً، فَوَاحِدَةٌ، وَإِنْ قَالَتْ: أَرَدْت أَنْ أَغِيظَهُ، قُبِلَ مِنْهَا، يَعْنِي لَا يَقَعُ شَيٌء. اهـ.
وأما علم الزوج برد الزوجة للتفويض: فالظاهر عدم اشتراطه، وراجعي الفتوى رقم: 138427، وفيها أيضا مزيد بيان فيما يتعلق باستعمال ألفاظ الكناية في تفويض الطلاق.
والله أعلم.