الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن ما لا يعرف نفعه ولا ضره بالشرع أو بالحس لا يصح اعتقاد نفعه ولا ضره ولا يصدق الناس في ذلك ولا يعمل بتوجيهاتهم فيه، وقد نص أهل العلم على أنه من الشرك أن يعتمد إنسان شيئا من الأمور سببا لشيء؛ إلا ما أذن الله فيه من ذلك شرعا، أو حسا، قال الشيخ ابن عثيمين في شرح كتاب التوحيد: القاعدة أن كل إنسان اعتمد على سبب لم يجعله الشرع سببا، فإنه مشرك شركا أصغر. انتهى.
وذكر الشيخ في الكتاب نفسه في فوائد حديث عمران بن حصين: أن النبي صلى الله عليه وسلم: رأى رجلا في يده حلقة من صفر، فقال: ما هذه؟ قال: من الواهنة، فقال: انزعها، فإنها لا تزيدك إلا وهنا، فإنك لو مت وهي عليك، ما أفلحت أبدا ـ قال: إن الأسباب التي لا أثر لها بمقتضى الشرع، أو العادة، أو التجربة لا ينتفع بها الإنسان. اهـ.
وما سقته من أمثله من هذا الضرب وقد اجتمع فيها الخرافة والتطير وغيرهما، وقد سأل سائل الشيخ ابن عثيمين ـ رحمه الله ـ فقال له: سمعت بأنه إذا ناداني شخص من خلفي أو عند خروجي من مكان ما فيجب أن أجلس لعدة لحظات وإلا لازمني الحظ السيئ‘ فهل هذا صحيح؟ فأجاب رحمه الله: ما سمعته غير صحيح، بل إن ذلك من التطير الذي هو: التشاؤم بمرئي أو مسموع أو معلوم وهو من عمل أهل الجاهلية والمشركين، وكان ذلك يصدهم عن مقاصدهم، وقد ذم الله تعالى أولئك به، فقال تعالى: ألا إنما طائرهم عند الله ولكن أكثرهم لا يعلمون {الأعراف: 131} وقال أيضا: قالوا طائركم معكم أئن ذكرتم بل أنتم قوم مسرفون {يس: 19} والنبي صلى الله عليه وسلم قد نهى عن التطير وأخبر أنه من الشرك المنافي لكمال التوحيد الواجب، لكون الطيرة من إلقاء الشيطان وتخويفه ووسوسته، وقد جاء نهيه عنها في غير ما حديث، فمن ذلك: حديث أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا عدوى ولا طيرة ـ رواه البخاري ومسلم.... اهـ.
ومثل هذا مسألة المكنسة وتحريك الرجل ولون العين...إلخ.
والله أعلم.