الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإياك وسوء الظن بالله، والقنوط من رحمته سبحانه، واليأس من رَوْحِه تبارك وتعالى، واعلمي أن الله تعالى غفور رحيم، فمهما أذنب العبد وكان ذنبه عظيما، فإنه إذا تاب إلى الله بصدق، تاب الله تعالى عليه، ومحا عنه أثر ذلك الذنب؛ قال تعالى: قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ {الزمر:53}. وجاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: التائب من الذنب كمن لا ذنب له. رواه ابن ماجه.
والنصوص في هذا المعنى كثيرة، فأحسني ظنك بربك تعالى، واجتهدي في التوبة والاستغفار، واعلمي أنه سبحانه لا يتعاظمه ذنب أن يغفره فهو الغفور الرحيم، ولا بد من أن توفي التوبة شروطها وأركانها، فما كان في ذمتك من حقوق العباد، فلا بد من أدائها إليهم أو استحلالهم منها، فإذا فعلت هذا قبل الله توبتك، ومن عجزت عن أداء الحق إليه أو تحلله منه، فإنك تتصدقين بما له من الحق فتجعلينه في مصالح المسلمين، وأكثري من الاستغفار لمن آذيتهم بلسانك إن لم يمكنك استحلالهم، واعلمي أنك ترتكبين الآن من الذنوب ما هو أكبر من تلك التي تخشين غائلتها، فإن ترك الصلاة، وعقوق الوالدين من كبائر الذنوب، فحافظي على الصلاة واحذري من إضاعتها، فإن ترك الصلاة الواحدة حتى يخرج وقتها إثم أعظم من الزنى، والسرقة، وشرب الخمر، وقتل النفس؛ وانظري الفتوى رقم: 130853.
واحذري عقوق والدك، فإن رضا الرب تعالى في رضاه، وسخط الرب تعالى في سخطه، وأقبلي على الله تعالى مجتهدة في فعل الفرائض والإكثار من النوافل راجية فضله العظيم.
نسأله تعالى أن يرزقنا وإياك توبة نصوحا.
والله أعلم.