الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فحكم الانتفاع بتلك التبرعات ينبني على ما حدده المتبرعون، فإذا كانوا قد أذنوا للشخص في الانتفاع بها في خاصة نفسه فلا حرج عليه في ذلك, ولو كان داخلًا في مفهوم اليد السفلى الوارد في قوله: لأن يغدو أحدكم فيحطب على ظهره فيتصدق به، ويستغني به عن الناس، خير له من أن يسأل رجلًا أعطاه أو منعه ذلك، فإن اليد العليا خير من اليد السفلى. رواه مسلم من حديث أبي هريرة.
جاء في شرح الزرقاني على الموطأ: (وللطبراني بإسناد صحيح عن حكيم بن حزام مرفوعًا: «يد الله فوق يد المعطي، ويد المعطي فوق يد المعطى، ويد المعطى أسفل الأيدي»، ولأحمد والبزار عن عطية السعدي: «اليد المعطية هي العليا، والسائلة هي السفلى»، فهذه الأحاديث متضافرة على أن اليد العليا هي المنفقة المعطية، وأن السفلى هي السائلة، وهذا هو المعتمد، قال ابن العربي: ... وأما يد الآدمي فأربعة: يد المعطي, وقد تضافرت الأخبار بأنها عليا، ويد السائل وقد تضافرت الأحاديث بأنها السفلى، سواء أخذت أم لا، وهذا موافق بكيفية الإعطاء والأخذ غالبًا, ثالثها: يد المتعفف عن الأخذ ولو بعد مد يد المعطي مثلًا، وهذه توصف بأنها عليا علوًا اعتباريًا، رابعها: يد الآخذ بلا سؤال، واختلف فيها فذهب جمع إلى أنها سفلى نظرًا إلى المحسوس، وأما المعنوي فلا يطرد فقد تكون عليا في بعض الصور، وعليه يحمل كلام من أطلق أنها عليا ... انتهى بتصرف يسير.
وأما لو كان المتبرعون حددوا مصارف لتبرعاتهم ليس منها أخذ صاحب الموقع لنفسه فلا يجوز مخالفة ما حددوه, وانظر الفتوى رقم: 135639.
والله أعلم.