الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه, أما بعد:
فقد ذهب كثير من العلماء إلى أن الخوف عذر مبيح للجمع بين الصلوات بالنسبة للمقيم, واستدلوا على ذلك بما ورد في حديث ابْنِ عَبَّاسٍ - رضي الله عنهما - قَالَ : جَمَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ, وَالْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ بِالْمَدِينَةِ, فِي غَيْرِ خَوْفٍ, وَلَا مَطَرٍ, فَقِيلَ لِابْنِ عَبَّاسٍ: مَا أَرَادَ إِلَى ذَلِكَ؟ قَالَ: أَرَادَ أَنْ لَا يُحْرِجَ أُمَّتَهُ. رواه مسلم وأبو داود, واللفظ له, ودل هذا الحديث أيضًا على أنه عند وجود حرج في عدم الجمع فإنه يجوز الجمع أيضًا رفعًا للحرج, وهذا الذي ذكرناه -كما أنه قد ذهب إليه كثير من أهل العلم- فقد خالف فيه أكثر العلماء.
وعلى القول الأول، فمن خاف من أهل سوريا – فرج الله كربتهم – من القصف أو مداهمة العدو جاز له الجمع بين الصلاتين, ولو كانت المسافة بينهم وبين صفوف العدو دون مسافة القصر ما داموا خائفين, أو يتوقعون الاشتباك معه في أي حين, وكذا من كان منتقلًا بين الحدود لخدمة المجاهدين, أو تقديم العون للجرحى ونحوهم يجوز له الجمع بين الصلاتين إذا وجدت مشقة في عدم الجمع ولو كانوا مقيمين.
ولا شك في أن الأحوط هو ترك الجمع في الحالات المذكورة خروجًا من الخلاف، وراجع للفائدة فتوانا رقم: 6846.
والله تعالى أعلم.