الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن التائب من الربا يلزمه التخلص من مال الربا عند أكثر العلماء؛ وذلك بالتصدق به على الفقراء أو في مصالح المسلمين.
لكن من كان فقيرًا فله أن ينفق على نفسه من المال الحرام بقدر حاجته، قال الإمام النووي - رحمه الله -: وله - أي: حائز المال الحرم - أن يتصدق به على نفسه وعياله - إن كان فقيرًا - وله أن يأخذ قدر حاجته لأنه أيضًا فقير. اهـ
فإن كنتم فقراء واستهلكتم الأموال الربوية في حاجتكم فلا يلزمكم شيء، وأما إن كنتم أغنياء أو استهلكتموها في غير حاجتكم فيلزمكم التخلص من قدر تلك الأموال الربوية.
قال الدكتور عباس الباز في رسالته: المال الحرام وضوابط الانتفاع والتصرف به في الفقه الإسلامي: إن كان الفقير قد أنفق المال الحرام لغير حاجته، أو كان عنده من المال الحلال ما يكفيه مؤنة الإنفاق من غيره إلا أنه أنفق على نفسه من المال الحرام، فإنه في هذه الحالة يكون متعديًا بهذا الإنفاق؛ لأنه غير مأذون له به؛ لعدم وجود ما يبرره - وهو الفقر والحاجة -فإذا تاب هذا المسلم مما فعل تعين عليه أن يبرئ ذمته. اهـ.
واختار شيخ الإسلام ابن تيمية أن التائب من الربا له ما سلف، ولا يلزمه التخلص من الربا مطلقًا، جاء في الفروع: واختار شيخنا فيمن كسب مالًا محرمًا برضا الدافع ثم تاب - كثمن خمر, ومهر بغي, وحلوان كاهن - أن له ما سلف للآية - يعني قوله تعالى: "فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ" {البقرة:275} - ولم يقل الله: فمن أسلم ولا من تبين له التحريم. اهـ
فعلى قوله - رحمه الله - لا يلزمكم أن تخرجوا شيئًا. وانظر الفتاوى: 3519 ، 68848 ، 157731.
والله أعلم.