الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه, أما بعد:
فينبغي لأقربائها المسلمين أن يدَعوا أولئك الورثة وشأنهم, ولا يُقحِموا أنفسهم في أمر ليسوا مطالبين به شرعًا, ولا يتدخلوا فيه من قريب أو بعيد, ولا يساعدوهم في تقسيم التركة؛ لأنهم - في الغالب - سيخالفون القسمة الشرعية, فيحرمون من يستحق الإرث, ويورثون من لا يستحق الإرث, وتلك معصية لا تجوز مساعدتهم عليها.
وما يذكره الفقهاء من أن لأهل الذمة فعل كذا وكذا, ولا يُتعرض لهم في أحكامهم: لا يعني أنه يحل لهم مخالفة شريعة الإسلام, بل هم آثمون لمخالفتهم شريعتنا؛ لكونهم مخاطبين بفروعها, قال ابن حجر الهيتمي في تحفة المحتاج: وَمَعْنَى لَهُمْ هُنَا، وَفِي نَظَائِرِهِ الْمُوهِمَةِ حِلَّ ذَلِكَ لَهُمْ، وَاسْتِحْقَاقَهُمْ لَهُ عَدَمُ الْمَنْعِ مِنْهُ فَقَطْ؛ لِأَنَّهُ مِنْ جُمْلَةِ الْمَعَاصِي فِي حَقِّهِمْ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُمْ مُكَلَّفُونَ بِالْفُرُوعِ، وَلَمْ يُنْكَرْ عَلَيْهِمْ كَالْكُفْرِ الْأَعْظَمِ لِمَصْلَحَتِهِمْ بِتَمْكِينِهِمْ مِنْ دَارِنَا بِالْجِزْيَةِ لِيُسْلِمُوا، أَوْ يَأْمَنُوا.. اهــ
وقد قال أهل العلم أيضًا ليس للحاكم المسلم أن يتبع شيئًا من أمور الكفار, ولا يدعوهم إلى حكمنا كما جاء في كشاف القناع: وَإِنْ لَمْ يَتَحَاكَمُوا إلَيْنَا لَيْسَ لِلْحَاكِمِ أَنْ يَتْبَعَ شَيْئًا مِنْ أُمُورِهِمْ, وَلَا يَدْعُوهُمْ إلَى حُكْمِنَا نَصًّا. اهــ.
وأما تنازل أحدهم عن نصيبه لقريبه المسلم: فإن التنازل عن الشيء لشخص آخر هو في حقيقته هدية, والهدية تقبل من الكافر, فقد قبل النبي صلى الله عليه وسلم هدية مقوقس مصر, جاء في الفروع لابن مفلح الحنبلي: وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ تُقْبَلُ هَدِيَّةُ الْمُسْلِمِ وَالْكَافِرِ، وَذَكَرُوهُ فِي الْغَنِيمَةِ, وَنَقَلَ ابْنُ مَنْصُورٍ فِي الْمُشْرِكِ: أَلَيْسَ يُقَالُ إنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَدَّ وَقَبِلَ؟ وَقَدْ رَوَاهُمَا أَحْمَدُ, وَقَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ: فِيهَا ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ: أَحَدُهَا: أَنَّ اخْتِيَارَ الْقَبُولِ أَثْبَتُ، وَالثَّانِي أَنَّهَا نَاسِخَةٌ، وَالثَّالِثُ: قَبِلَ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ، وَقَبُولُهُ مِنْ أَهْلِ الشِّرْكِ ضَعِيفٌ أَوْ مَنْسُوخٌ. اهـ.
والله تعالى أعلم.