الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شك أن هذا الحديث يدل على أن الحياة الدنيا سوف تستمر بعد الرسول صلى الله عليه وسلم، وأن أمته كذلك، وهو ما يشهد به الواقع، ومثل هذا الحديث في المعنى قوله صلى الله عليه وسلم: لَا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي ظَاهِرِينَ عَلَى الْحَقِّ، لَا يَضُرُّهُمْ مَنْ خَذَلَهُمْ، حَتَّى يَأْتِيَ أَمْرُ اللهِ وَهُمْ كَذَلِكَ. رواه البخاري ومسلم، وهذا لفظ مسلم.
ولكن استمرار هذه الحياة الدنيا ليس على التأبيد، فقد قال تعالى: كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ * وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ {الرحمن:26 - 27}، فهذه الحياة تعقبها الحياة الأخروية الأبدية.
وأما استمرار هذه الأمة فيكون إلى قرب قيام الساعة، كما دل عليه الحديث الذي رواه مسلم: إِنَّ اللهَ يَبْعَثُ رِيحًا مِنَ الْيَمَنِ أَلْيَنَ مِنَ الْحَرِيرِ، فَلَا تَدَعُ أَحَدًا فِي قَلْبِهِ - قَالَ أَبُو عَلْقَمَةَ: مِثْقَالُ حَبَّةٍ، وَقَالَ عَبْدُ الْعَزِيزِ: مِثْقَالُ ذَرَّةٍ - مِنْ إِيمَانٍ إِلَّا قَبَضَتْهُ.
قال النووي في بيان ما دل عليه الحديث وحديث: لا تزال طائفة من أمتي: مَعْنَى هَذَا: أَنَّهُمْ لَا يَزَالُونَ عَلَى الْحَقِّ حَتَّى تَقْبِضَهُمْ هَذِهِ الرِّيحُ اللَّيِّنَةُ قُرْبَ الْقِيَامَةِ وَعِنْدَ تَظَاهُرِ أَشْرَاطِهَا. انتهى.
وراجع تفصيلًا أكثر في حديث التجديد وفي بداية حساب المائة الأولى الفتويين: 35667، 130070.
والله أعلم.