الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فليس مناط البحث كون الضرورة لا تبيح الربا، فذلك ثابت بكتاب الله تعالى فلا يخالف فيه مخالف، فقد قال الله تعالى: وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ {الأنعام:119}.
لكن مناط البحث هو تنزيل الضرورة على حالتك، وقد ضبط العلماء الضرورة المبيحة بقولهم: هي أن تطرأ على الإنسان حالة من الخطر أو المشقة الشديدة بحيث يخاف حدوث ضرر أو أذى بالنفس أو بالعضو ـ أي عضو من أعضاء النفس ـ أو بالعرض أو بالعقل أو بالمال وتوابعها، ويتعين أو يباح عندئذ ارتكاب الحرام أو ترك الواجب أو تأخيره عن وقته دفعاً للضرر عنه في غالب ظنه ضمن قيود الشرع. انتهى من نظرية الضرورة الشرعية.
وقال الشيخ المودودي: لا تدخل كل ضرورة في باب الاضطرار بالنسبة للاستقراض بالربا، فإن التبذير في مجالس الزواج ومحافل الأفراح والعزاء ليس بضرورة حقيقية، وكذلك شراء السيارة أو بناء المنزل ليس بضرورة حقيقية، وكذلك ليس استجماع الكماليات أو تهيئة المال لترقية التجارة بأمر ضرورة، فهذه وأمثالها من الأمور التي قد يعبر عنها بالضرورة والاضطرار ويستقرض لها المرابون آلافاً من الليرات لا وزن لها ولا قيمة في نظر الشريعة، والذين يعطون الربا لمثل هذه الأغراض آثمون.
وعلى هذا، فإذا كان صرف هذه النسبة من مرتبك جميعها في المواصلات يبلغ بك حد الضرورة الآنفة الذكر، ولا تندفع هذه الضرورة إلا بشراء سيارة عن طريق العقد المشتمل على الشرط الربوي فيباح لك ذلك.
والله أعلم.