الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإننا لا نتصور طريقة مشية هذا الشخص المذكور حتى نحكم على من يُقَلِّدُها، وعلى كل حال: فإن الأصل في المشي أنه مباح - إن خلا عن بعض المحظورات, كالتكبُّر, أو التَّخنُّث, ومشابهة النساء, أو موافقة هَدْيٍ خاص بالكفار, كالمِشية الجنائزية, ونحوها -.
والظاهر من سؤالك - والله أعلم - أن هذا الشخص يمشي مِشية المتكبرين المعجبين بأنفسهم، وهذه المشية يبغضها الله تعالى, ويبغضها رسوله صلى الله عليه وسلم, إلا في الجهاد في سبيل الله تعالى، فقد روى الإمام الطبراني بسنده في معجمه الكبير أَنَّ أَبَا دُجَانَةَ يَوْمَ أُحُدٍ أَعْلَمَ بِعِصَابَةٍ حَمْرَاءَ، فَنَظَرَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ مُخْتَالٌ فِي مِشْيَتِهِ بَيْنَ الصَّفَّيْنِ - فَقَالَ: إِنَّهَا مِشْيَةٌ يُبْغِضُهَا اللهُ إِلَّا فِي هَذَا الْمَوْضِعِ.
وأما في غير الجهاد: فإنها مِشية محرمة، وقد تسببت في أن يعذَّب أحد الناس إلى يوم القيامة, فقد روى الإمامان البخاري ومسلمٌ في صحيحيهما أن أَبَا هُرَيْرَةَ - رضي الله تعالى عنه - قال: قال: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: بَيْنَمَا رَجُلٌ يَمْشِي فِي حُلَّةٍ، تُعْجِبُهُ نَفْسُهُ، مُرَجِّلٌ جُمَّتَهُ، إِذْ خَسَفَ اللَّهُ بِهِ، فَهُوَ يَتَجَلْجَلُ إِلَى يَوْمِ القِيَامَةِ. ومعنى (مرجل جمته): مسرح شعر رأسه، والجمة هي: الشعر الذي يتدلى إلى الكتفين, ومعنى (خسف الله به): غارت به الأرض, وغيبه الله فيها، ومعنى (يتجلجل): يتحرك في أعماق الأرض، والجلجلة: الحركة مع الصوت.
ومن المفارقات أن هذا الشخص الذي تحب أن تقلد مشيته ملحِدٌ, ويعتبر أن الدين خانق للإنسان، والشأن في المسلم أن يتخذ المؤمنين الموحِّدين قدوة له، وأن يبغض الكافرين الملحدين, وانظر حكم الافتخار بالكفار في الفتوى رقم: 68686.
هذا، ونذكِّرُك بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: مَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ فَهُوَ مِنْهُمْ. رواه أبوداود، وانظر الفتويين: 111186 / 55038.
والله أعلم.