الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يخفى أن البدع تتفاوت في مراتبها في الخطأ والبعد عن السنة، وفي مجاهرة أهلها بها أو إسرارهم، وفي معاداتهم للسنة وأهلها أو مسالمتهم.
وبالتالي: فالموقف منهم يختلف بهذه الاعتبارات، ثم باعتبار المصلحة والمفسدة الناتجة عن هذا الموقف.
وأما مسألة مؤاخاتهم, أو محبتهم, أو موالتهم: فيقول شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى: إذا اجتمع في الرجل الواحد خير وشر وفجور، وطاعة ومعصية، وسنة وبدعة: استحق من الموالاة والثواب بقدر ما فيه من الخير، واستحق من المعاداة والعقاب بحسب ما فيه من الشر، فيجتمع في الشخص الواحد موجبات الإكرام والإهانة، فيجتمع له من هذا، وهذا كاللص الفقير تقطع يده لسرقته, ويعطى من بيت المال ما يكفيه لحاجته, هذا هو الأصل الذي اتفق عليه أهل السنة والجماعة, وخالفهم الخوارج والمعتزلة ومن وافقهم عليه, فلم يجعلوا الناس - لا مستحقًا للثواب فقط, ولا مستحقًا للعقاب فقط - وأهل السنة يقولون: إن الله يعذب بالنار من أهل الكبائر من يعذبه ثم يخرجهم منها بشفاعة من يأذن له في الشفاعة بفضل رحمته, كما استفاضت بذلك السنة عن النبي صلى الله عليه وسلم. اهـ.
وراجع في كيفية معاملة أهل البدع والموقف منهم الفتاوى التالية: 14264، 66092، 57734.
والله أعلم.