الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنعتذر عن الخوض في تفاصيل هذه الجزئيات وتتبعها، ونلخص القول في جواب ما سألت عنه فيما يلي: القرآن كلام الله ليس بمخلوق، والقول بخلق القرآن طامة ابتدعها الجهمية, واشتد نكير العلماء عليهم، وهذه مسألة طال فيها البحث حتى لم يبق فيها مقال لقائل، وقد كفانا الأئمة عناءها، ومن أراد البسط في ذلك فليرجع إلى كلام ابن القيم في الصواعق المرسلة.
أما موقف الإمام أحمد بن حنبل وثباته على ما هو عليه رغم شديد النكال والإيذاء في ذات الله عز وجل، وكذلك كل من وقف مثل موقفه ممن ذكرت ومن غيرهم، فليس من باب الإجماع ومخالفته، بل بابه أن من أكره على النطق بكلمة الكفر فهو بالخيار بين أحد شيئين: إما الأخذ بالرخصة، وإما الصبر على العزيمة، فأما الإمام أحمد ومن معه فقد أخذوا بالعزيمة, وتحملوا في ذلك ما تحملوا, وموقفهم - لا شك - أفضل, وأجرهم ثابت على الله - إن شاء الله - وأما من أخذ بالرخصة ممن ابتلي في تلك المحنة، فله في فعله مستند ولا حرج.
قال السرخسي في المبسوط: والرخصة في إجراء كلمة الشرك ثابتة في حق الملجأ, بشرط طمأنينة القلب بالإيمان, إلا أن هنا إن امتنع كان مثابًا على ذلك؛ لأن الحرمة باقية، فهو في الامتناع متمسك بالعزيمة، والمتمسك بالعزيمة أفضل من المترخص بالرخصة.
وراجع الفتوى رقم: : 195055 وهي في الإكراه على كلمة الكفر.
والله أعلم.