الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه, أما بعد:
فالواجب قبل قسمة التركة بين مستحقيها أن يقوموا بسداد الدين الذي في ذمة الميت؛ لأن الدين مقدم على حق الورثة في المال, وبعد سداد الدين يقسمون ما بقي بينهم القسمة الشرعية, وإذا لم يترك الميت من الورثة إلا من ذكر فإن لزوجته الثمن فرضًا لوجود الفرع الوارث, قال الله تعالى: فَإِنْ كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُمْ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ {النساء:12}, والباقي للابنين – مناصفة بينهما – تعصيبًا لقول النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَلْحِقُوا الْفَرَائِضَ بِأَهْلِهَا فَمَا بَقِيَ فَهُوَ لِأَوْلَى رَجُلٍ ذَكَرٍ. متفق عليه, فتقسم التركة على ستة عشر سهمًا , للزوجة ثمنها, سهمان, ولكل ابن سبعة أسهم.
وأما ما ذكرته من مطالبة الابن الصغير فإنه لا يحق له المطالبة بكل المعاش الذي كان ينزل في حساب والده ما دام والده كان ينفق عليه, ومن المعلوم أن نفقة الصغير تكون على والده إن لم يكن له مال, وأما إن كان له مال فإن نفقته تكون من ماله, لا من مال أبيه, كما جاء في الموسوعة الفقهية: نَفَقَةُ الصَّغِيرِ فِي مَالِهِ إِنْ كَانَ لَهُ مَالٌ، وَإِلاَّ فَيُلْزَمُ بِالإْنْفَاقِ عَلَيْهِ مَنْ تَجِبُ نَفَقَتُهُ عَلَيْهِ شَرْعًا. اهـ.
وجاء في الهداية شرح البداية للمرغيناني الحنفي: إنما تجب النفقة على الأب إذا لم يكن للصغير مال, أما إذا كان فالأصل أن نفقة الإنسان في مال نفسه صغيرًا كان أو كبيرًا. اهـ .
فالأصل أن نفقة ذلك الابن كانت من ماله, وليس هبة له من أبيه, ولكن إن كان الابن يظن أن ما أنفقه عليه أبوه أقل مما له من المال في حساب والده فله أن يرفع الأمر إلى المحكمة الشرعية لتنظر في القضية, وتحكم بما تراه صوابًا, وأما أن يطالب الابن بكل مال المعاش فهذا ليس من حقه.
والله تعالى أعلم.