الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد حث الإسلام المسلمين على الزواج، ورغب فيه أشد الترغيب، لما يترتب عليه من مصالح الدنيا والآخرة.
قال البهوتي الحنبلي في حاشية الروض المربع عند قول الحجاوي في زاد المستقنع: "وفعله مع الشهوة أفضل من نوافل العبادة": لاشتماله على مصالح كثيرة كتحصين فرجه وفرج زوجته، والقيام بها، وتحصيل النسل، وتكثير الأمة، وتحقيق مباهاة النبي صلى الله عليه وسلم وغير ذلك. اهـ.
والإعراض عن الزواج بالكلية إن كان لغير عذر مقبول شرعا فيه مخالفة لهدي النبي صلى الله عليه وسلم. هذا مع العلم بأن الزواج قد يكون واجبا كما في حال من يخشى على نفسه الفتنة بتركه. وراجعي الفتاوى التالية أرقامها: 20304 - 62986 - 195251. فإذا كانت أختك على ما ذكرت من الرغبة عن الزواج، فينبغي أن تنصح برفق ولين في ضوء ما ذكرنا من نصوص وتوجيهات.
وإذا كانت تتلفظ بمثل ما ذكرت عند ذكرك أمر الزواج فلا ينبغي لها ذلك، ولا شك في أن من الحكمة عدم إثارة هذا الموضوع عند وجودها. والأولى أن لا تردي عليها ولو أثارت هذا الموضوع من قبلها ابتداء، فربما دعاها سكوتك والإعراض عن التعليق على كلامها إلى تأنيب ضميرها وعدم إثارة هذا الموضوع بوجودك.
واعلمي أن الزواج نوع من الرزق تدبيره عند رب العالمين، وسيأتيك ما كتب لك منه بإذن الله، فارفعي إليه يد الضراعة، وسليه أن يرزقك زوجا صالحا تسعدين به، فهو سبحانه قد أمر بالدعاء ووعد بالإجابة ولا يخيب من رجاه، قال سبحانه: وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ {البقرة:186}، وراجعي آداب الدعاء بالفتوى رقم: 119608. ونوصيك بحسن الظن بالله وعدم اليأس أبدا. واحرصي على فعل ما يمكن من الأسباب بالاستعانة بالثقات من أقربائك أو صديقاتك للبحث عن الزوج الصالح، ولا حرج شرعا في أن تعرضي نفسك على الرجل الصالح بكل أدب وحشمة، وانظري الفتوى رقم: 18430. واحذري نزغات الشيطان ووساوسه وزرعه اليأس في نفسك، فإنه عدو الإنسان حريص على كل ما يهمه ويغمه ويدخل عليه النكد والحزن، فاستعيذي بالله من الشيطان الرجيم. ولا تلتفتي إلى الوراء فيما يتعلق بعدم زواجك من ابن خالتك، أو التفكير في تصرف والدك وحمله على أي محمل سيء، فالغالب في الأب الحرص على مصلحة ابنته لا فعل ما يضرها.
والله أعلم.