الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كانت الشركة تبيع السيارة للعميل بشرط أن يؤجرها لها، فالبيع باطل؛ لأن فيه بيعا بشرط عقد آخر وهو الإجارة، وهذا يبطل العقد عند جماهير العلماء.
قال ابن قدامة: وجملته أن البيع بهذه الصفة باطل؛ لأنه شرط في العقد أن يصارفه بالثمن الذي وقع العقد به، والمصارفة عقد بيع، فيكون بيعتان في بيعة. قال أحمد: هذا معناه، وقد روى أبو هريرة قال: نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن بيعتين في بيعة. أخرجه الترمذي، وقال حديث حسن صحيح. وروي أيضا عن عبد الله بن عمرو عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وهكذا كل ما كان في معنى هذا مثل أن يقول: بعتك داري هذه على أن أبيعك داري الأخرى بكذا، أو على أن تبيعني دارك، أو على أن أؤجرك أو على أن تؤجرني كذا، أو على أن تزوجني ابنتك، أو على أن أزوجك ابنتي ونحو هذا. فهذا كله لا يصح. قال ابن مسعود: الصفقتان في صفقة ربا. وهذا قول أبي حنيفة، والشافعي وجمهور العلماء، وجوزه مالك وقال: لا ألتفت إلى اللفظ الفاسد إذا كان معلوما حلالا، فكأنه باع السلعة بالدراهم التي ذكر أنه يأخذها بالدنانير. ولنا الخبر، وأن النهي يقتضي الفساد؛ ولأن العقد لا يجب بالشرط لكونه لا يثبت في الذمة فيسقط، فيفسد العقد؛ لأن البائع لم يرض به إلا بذلك الشرط، فإذا فات فات الرضا به، ولأنه شرط عقدا في عقد. لم يصح كنكاح الشغار، وقوله: لا ألتفت إلى اللفظ، لا يصح؛ لأن البيع هو اللفظ. فإذا كان فاسدا فكيف يكون صحيحا؟ ويتخرج أن يصح البيع ويفسد الشرط بناء على ما لو شرط ما ينافي مقتضى العقد. اهـ .
وأما إن أجر المشتري السيارة للشركة دون اشتراط ذلك في البيع، فالعقد صحيح؛ ونقل السيارة باسم المشتري هو أمر إجرائي للتوثيق، وليس شرطا في صحة البيع، كما سبق في الفتوى رقم: 18980
والله أعلم.